أما الشيخ محمد الطاهر بن عاشور فإنه -على خلاف الشاطبي- قد جعل مسالك الكشف عن مقاصد الشارع في بداية كتابه. فبعد إثبات أن للشريعة مقاصد من شرع الأحكام، وبيان حاجة الفقيه إلى معرفة هذه المقاصد انتقل إلى الحديث عن طرق إثبات المقاصد الشرعية، فعدَّد منها ثلاثة طرق، هي: (?)

1 - استقراء الشريعة في تصرفاتها، وهو على نوعين:

الأول: استقراء الأحكام المشتركة في علّة واحدة ليحصل من ذلك يقين بأن تلك العلة مقصد مراد للشارع، وفي ذلك يقول: "أعظمها استقراء الأحكام المعروفةِ عللُها، الآيل إلى استقراء تلك العلل المثبتة بطرق مسالك العلة. فإن باستقراء العلل حصولَ العلمِ بمقاصد الشريعة بسهولة، لأننا إذا استقرينا عللاً كثيرة متماثلة في كونها ضابطًا لحكمة متّحدة، أمكن أن نستخلص منها حِكْمة واحدة فنجزم بأنها مقصد شرعي، كما يُسْتَنْتَجُ من استقراء الجزئيات تحصيلُ مفهوم كُلّيٍّ حسب قواعد المنطق". (?)

والثاني: "استقراء أدلّة أحكام اشتركت في علّة بحيث يحصل لنا اليقين بأن تلك العلة مقصد مراد للشارع". (?)

2 - الإستخلاص المباشر لمقاصد الشارع من ظواهر النصوص القرآنية الواضحة الدلالة إلى درجة يضعف فيها احتمال كون المراد منها غير ظاهرها، وأعلى المقاصد التي تُستنبط من هذا الطريق هي التي تؤخذ من نصوص تجتمع فيها قطعية الثبوت مع قوة الظهور إلى درجة تقترب من اليقين. (?)

3 - الإستخلاص المباشر من السنّة المتواترة، وهو على قسمين:

الأول: من السنّة التي حصل تواترها المعنوي من مشاهدة عموم الصحابة عملاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015