من أعمال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيحصل لهم علمٌ بتشريعٍ في ذلك يستوي فيه جميع المشاهدين، وهو الطريق الذي تثبت منه المعلومات من الدين بالضرورة.
الثاني: تواتر عملي يحصل لآحاد الصحابة من تكرّر مشاهدة أعمال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بحيث يستخلص من مجموعها مقصدًا شرعيًا. (?)
ويبدو أن ابن عاشور يقصر هذا المسلك على الصحابة فقط لما يحصل لهم من تواتر في تلك السنن وتعذُّر ذلك على من جاء بعدهم إلّا من خلال القيام بعملية استقراء، وهو الذي أشار إليه في المسلك الأول.
وقد عدّ ابن عاشور "طريقة السلف في رجوعهم إلى مقاصد الشريعة وتمحيص ما يصلح لأن يكون مقصوداً لها" طريقًا يُنزّل منزلة طرق الكشف عن المقاصد، إلّا أنه لم يدرجه ضمن تلك الطرق من حيث إنه لم تثبت حجيّة كلّ أقوال السلف، بل منها ما هو حجّة، ومنها ما هو مجرّد رأي من صاحبه في فهم الشريعة، ولكن التأمل في أقوالهم يُبيِّن وجوب اعتبار مقاصد الشريعة على الجملة. (?)
وعلى أهمية ما كتبه ابن عاشور - حيث يمكن أن يضاف إلى ما كتبه الشاطبي ليكونا معًا أساس دراسة مسالك الكشف عن المقاصد - إلّا أنه لا يمكن اعتباره دراسة وافية، بل مجرد تمهيد لطريق المبحث في هذا الموضوع. ويبدو أن ابن عاشور اعتنى بتطبيق منهجه هذا عمليًّا في كتاباته أكثر من اهتمامه بالتنظير له.
وقد أجرى الدكتور عبد المجيد النجار دراسة مقارنة بعنوان: مسالك الكشف عن مقاصد الشريعة بين الشاطبي وابن عاشور (?) استعرض فيها موضوع الكشف عن مقاصد الشريعة: مقدماته، ومسالكه عند كلٍّ من الإمام الشاطبي، والشيخ محمد الطاهر بن عاشور ثُمّ المقارنة بينهما، حيث أشار إلى أن المسالك التي أوردها الشاطبي