مقاصد الشارع؛ لأن الأول لا يتحقق إلّا بالثاني، فهو طريق للكشف عن مقاصد الشارع، ولا بأس في ذلك من كونه إنما يُعرف به ما قُصِد بالقصد الثاني لا بالقصد الأول.

والملاحظ أن هذا المسلك يمثل جزءًا من مسلك أوسع، هو مسلك استخلاص المقاصد من ظواهر النصوص الشرعية التي ثبت عدم صرفها عن ظاهرها، وبناءً على ذلك سيدرجه الباحث ضمن هذا المسلك.

الثاني: اعتبار علل الأمر والنهي. والعلة إما أن تكون معلومة أو لا تكون كذلك، فإذا كانت معلومة لزم اعتبارها، فحيث وُجِدَت وُجِد مقتضى الأمر أو النهي. أما إذا لم تُعْلَم العلّة فإنه ينبغي التوقف عن القول بأن الشارع قاصد إلى تعديّة ذلك الحكم من المنصوص عليه إلى المسكوت عنه. (?)

الثالث: أن للشارع في شرع الأحكام مقاصد أصليّة ومقاصد تبعيّة، ومع كون المقاصد الأصلية هي الأساس، إلّا أنها لا يمكن أن تقوم بمفردها، ولا يمكن أن تتحقق على التَّمام إلّا إذا تحقّقَ ما يخدمها ويكمِّلها، ومن ثَمّ فكلّ ما ثبت كونُه خادمًا ومحققًا للمقاصد الأصلية عُدَّ مقصودًا للشارع، ولزم مراعاته والعمل على تحقيقه، من باب ما لا يتمّ الواجب إلّا به فهو واجب، فهذا مسلك يُستَدلّ به على أن كلّ ما لم يُنصّ عليه مما شأنه كذلك فهو مقصود للشارع أيضاً. (?)

الرابع: سكوت الشارع عن شرع التسبُّب أو عن شرعيّة العمل مع قيام المعنى المقتضي له. فهذا الضرب من السكوت يُنزَّلُ منزلة النصّ على أن الشارع يريد الإلتزام بما كان معروفًا في زمن التشريع من غير زيادة عليه ولا نقصان منه. (?)

ولكن سيتبيّن أن هذا إنما يصدق على العبادات، أو المعاملات التي ظهر فيها معنى التّعبّد دون غيرها من المعاملات التي بُنيت على التعليل ومعقوليّة المعنى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015