كانت طرسوس كسائر الأمصار الإسلامية تعج بدور العلم التي لها صلة قوية بالجهاد، حيث اتخذ بعض العلماء داره الخاصة مكاناً للتعليم، وقدم إليها عدد من التابعين، واستوطنوها منذ تأسيسها، وحدّثوا فيها، وشاركوا في الرباط، والجهاد، وسمع عليهم عدد من أهل طرسوس، ورووا عنهم، ثم تناقلته الأجيال. ورحل إليها عدد من العلماء وطلاب الحديث من شتى أنحاء العالم الإسلامي لسماع الحديث من مشايخها، أو نقله إلى طلابها. وانتقل بعض علمائها إلى بغداد، أو دمشق أو غيرهما من أمصار العالم الإسلامي.
وكان الإمام أحمد بن حنبل يخرج ماشياً إلى طرسوس، وشارك في الرباط والجهاد1. ومشى إليها أبو حاتم الرازي الحنظلي الغطفاني في طلب الحديث2. وكان يحدث بها محمد بن سعيد- أبو بكر البغدادي3، ومحمد بن عبد الله القطان رحل من بغداد، كان أحمد بن حنبل يكرمه، ومات بطرسوس4. ومحمد بن عبد الله أبو بكر المقرئ البغدادي، سكن طرسوس، ثم قدم إلى دمشق عام 340 هـ، وحدث بها5. ووردها النسائي أحمد بن شعيب الخراساني صاحب السنن وعبد الله بن أحمد بن حنبل وكيلجة وهو محمد بن صالح البغدادي أبو بكر الأنماطي6.
وانتقل زهير بن محمد بن قمير- أبو محمد المروزى- من بغداد إلى طرسوس فرابط بها إلى أن مات عام 258 هـ7. ووردها الأصم- محمد بن يعقوب بن يوسف، وسمع بها الحديث من أبي أمية الطرسوسي8. وسكنها المحدث محمد بن إبراهيم بن أمية الطرسوسي9 ونسب إليها. وابن الخشاب- أبو الفرج أحمد بن القاسم البغدادي، وكان قد حدث بدمشق وغيرها10 وسكنها محمد بن العباس أحد المحدثين، وقد حدّث ببغداد11.