. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ يَسْأَلُ عَنْهُ فَيُقَالُ لَمْ تَنْحَصِرْ الْقِسْمَةُ فِي هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ فَلَعَلَّهُ بِكَوْنِهِ مُسِيئًا يَزْدَادُ إسَاءَةً فَيَكُونُ زِيَادَةُ الْعُمُرِ زِيَادَةً لَهُ فِي السَّيِّئَاتِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «شَرُّ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمُرُهُ، وَسَاءَ عَمَلُهُ» .
أَوْ لَعَلَّهُ يَكُونُ مُحْسِنًا فَتَنْقَلِبُ حَالُهُ إلَى الْإِسَاءَةِ، وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى قُلْت تَرَجَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ زِيَادَةَ الْإِحْسَانِ أَوْ الِانْكِفَافِ عَنْ السُّوءِ فَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَدُومَ عَلَى حَالِهِ فَإِذَا كَانَ مَعَهُ أَصْلُ الْإِيمَانِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ بِكُلِّ حَالٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَخِفَّ إحْسَانُهُ فَذَاكَ الْإِحْسَانُ الْخَفِيفُ الَّذِي دَامَ عَلَيْهِ مُضَاعَفٌ لَهُ مَعَ أَصْلِ الْإِيمَانِ، وَإِنْ زَادَتْ إسَاءَتُهُ فَالْإِسَاءَةُ كَثِيرٌ مِنْهَا يُكَفَّرُ، وَمَا لَا يُكَفَّرُ يُرْجَى الْعَفْوُ عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ فَمَا دَامَ مَعَهُ الْإِيمَانُ فَالْحَيَاةُ خَيْرٌ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَقَالَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ هَذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الرَّجَاءِ، وَحُسْنِ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ الْمُحْسِنَ يَرْجُو مِنْ اللَّهِ تَعَالَى الزِّيَادَةَ فِي تَوْفِيقِهِ لِلزِّيَادَةِ فِيهِ، وَأَنَّ الْمُسِيءَ لَا يَنْبَغِي لَهُ الْقُنُوطُ بَلْ لَا يُقْطَعُ رَجَاؤُهُ مِنْ اللَّهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53] انْتَهَى.
{الرَّابِعَةُ} أُطْلِقَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ النَّهْيُ عَنْ تَمَنِّي الْمَوْتِ، وَقَيَّدَهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ تَمَنِّيه لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ فَقَالَ لَا يَتَمَنَّيْنَ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ لِضُرِّ نَزَلَ بِهِ، وَمُطْلَقُ الضُّرِّ الدُّنْيَوِيِّ وَالْأُخْرَوِيِّ لَكِنَّ الْمُرَادَ إنَّمَا هُوَ الضُّرُّ الدُّنْيَوِيُّ مِنْ مَرَضٍ أَوْ فَاقَةٍ أَوْ مِحْنَةٍ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ مَشَاقِّ الدُّنْيَا كَمَا هُوَ مُبَيَّنُ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ، وَابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فَقَالَ «لَا يَتَمَنَّيْنَ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ فِي الدُّنْيَا» ، وَهُوَ الَّذِي أَرَادَهُ أَيُّوبُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي قَوْلِهِ {مَسَّنِيَ الضُّرُّ} [الأنبياء: 83] ، وَإِخْوَةُ يُوسُفَ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - فِي قَوْلِهِمْ {مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ} [يوسف: 88] فَأَمَّا الضُّرُّ فِي الدِّينِ فَهُوَ خَوْفُ الْفِتْنَةِ فِي دِينِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ مَعَهُ بِالدُّعَاءِ بِالْمَوْتِ، وَتَمَنِّيه، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ، وَلَيْسَ بِهِ الدِّينُ إلَّا الْبَلَاءُ» ، وَسَيَأْتِي إيضَاحُ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ فَإِنْ قُلْت قَدْ عُرِفَ أَنَّ تَمَنِّيَ الْمَوْتِ لِلضُّرِّ الدُّنْيَوِيِّ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَالضُّرُّ الْأُخْرَوِيُّ لَا بَأْسَ بِهِ فَإِذَا كَانَ تَمَنِّيه لِغَيْرِ ضُرٍّ دُنْيَوِيٍّ، وَلَا أُخْرَوِيٍّ كَيْفَ حُكْمُهُ؟ قُلْت مُقْتَضَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ النَّهْيُ عَنْهُ، وَمَفْهُومُ التَّقْيِيدِ بِالضُّرِّ فِي