. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ: شُبِّهُوا بِالْقِثَّاءِ الصَّغِيرِ لِأَنَّ الْقِثَّاءَ يُنَمَّى سَرِيعًا وَقِيلَ هِيَ رُءُوسُ الطَّرَاثِيثِ تَكُونُ بَيْضَاءَ شُبِّهُوا بِبَيَاضِهَا وَاحِدُهَا طُرْثُوثٌ، وَهُوَ نَبْتٌ يُؤْكَلُ (قُلْت) وَيَظْهَرُ عِنْدِي فِي الْحَدِيثِ الَّذِي نَحْنُ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُمْ شُبِّهُوا بِهَا فِي صِغَرِهَا وَحَقَارَةِ قَدْرِهَا فَإِذَا أُنْشِئُوا خَلْقًا لِلْجَنَّةِ صَارَتْ لَهُمْ بَهْجَةٌ وَنَضَارَةٌ، وَقَدْرٌ لَا يُعَبَّرُ عَنْ قَدْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَيَخْرُجُونَ كَأَنَّهُمْ عِيدَانُ السَّمَاسِمِ فَيَدْخُلُونَ نَهْرًا مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ فَيَغْتَسِلُونَ فِيهِ «فَيَخْرُجُونَ كَأَنَّهُمْ الْقَرَاطِيسُ» وَالسَّمَاسِمُ بِالسِّينَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ الْأُولَى مَفْتُوحَةٌ.
وَالثَّانِيَةُ مَكْسُورَةٌ جَمْعُ سِمْسِمٍ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الَّذِي يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ الشَّيْرَجُ قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ وَعِيدَانُهُ تَرَاهَا إذَا قُلِعَتْ وَتُرِكَتْ لِيُؤْخَذَ حَبُّهَا دِقَاقًا سَوْدَاءَ كَأَنَّهَا مُحْتَرِقَةٌ، ثُمَّ قَالَ وَمَا أَشْبَهَ أَنْ تَكُونَ اللَّفْظَةُ مُحَرَّفَةً وَرُبَّمَا كَانَتْ كَأَنَّهُمْ عِيدَانُ السَّاسَمِ أَيْ وَهُوَ بِحَذْفِ الْمِيمِ وَفَتْحِ السِّينِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا حَبٌّ أَسْوَدُ كَالْأَبَنُوسِ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ لَا نَعْرِفُ مَعْنَى السَّمَاسِمِ هُنَا وَلَعَلَّ صَوَابَهُ السَّاسَمُ، وَهُوَ أَشْبَهُ، وَهُوَ عُودٌ أَسْوَدُ وَقِيلَ هُوَ الْأَبَنُوسُ.
وَقَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ قَالَ بَعْضُهُمْ السَّمَاسِمُ كُلُّ نَبْتٍ ضَعِيفٍ كَالسِّمْسِمِ، وَالْكُزْبَرَةِ وَقَالَ آخَرُونَ لَعَلَّهُ السَّآسِمُ مَهْمُوزٌ، وَهُوَ الْأَبَنُوسُ شَبَّهَهُمْ بِهِ فِي سَوَادِهِ انْتَهَى.
(السَّادِسَةُ) قَوْلُهُ «يَحْتَرِقُونَ فِيهَا إلَّا دَارَاتِ وُجُوهِهِمْ» هُوَ جَمْعُ دَارَةٍ وَهِيَ مَا يُحِيطُ بِالْوَجْهِ مِنْ جَوَانِبِهِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ النَّارَ لَا تَأْكُلُ دَارَةَ الْوَجْهِ لِكَوْنِهَا مَحَلَّ السُّجُودِ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ فِي الصَّحِيحِ «حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ» ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تَأْكُلُ شَيْئًا مِنْ أَعْضَاءِ السُّجُودِ السَّبْعَةِ الْمَأْمُورِ بِالسُّجُودِ عَلَيْهَا وَهِيَ الْجَبْهَةُ، وَالْيَدَانِ، وَالرُّكْبَتَانِ، وَالْقَدَمَانِ، وَكَذَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَأَنْكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَقَالَ الْمُرَادُ بِأَثَرِ السُّجُودِ الْجَبْهَةُ خَاصَّةً.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ وَجَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ مَخْصُوصُونَ مِنْ جُمْلَةِ الْخَارِجِينَ مِنْ النَّارِ بِأَنَّهُ لَا يَسْلَمُ مِنْهُمْ مِنْ النَّارِ إلَّا دَارَاتُ الْوُجُوهِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَتَسْلَمُ جَمِيعُ أَعْضَاءِ السُّجُودِ مِنْهُمْ عَمَلًا بِعُمُومِ هَذَا الْحَدِيثِ فَيُعْمَلُ بِالْعَامِّ إلَّا مَا خُصَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قُلْت) وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْجَبْهَةِ خَاصَّةً فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ دَارَاتِ الْوُجُوهِ أَوْسَعُ مِنْ الْجَبْهَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ