. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَعْلَمُ.
{الْعَاشِرَةُ} إذَا فَسَّرْنَا الْحَدَثَ بِالْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ كَمَا فَسَّرَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ فَمَا وَجْهُ اقْتِصَارِهِ عَلَى ذِكْرِ الضُّرَاطِ وَالْفُسَاءِ وَلَيْسَ الْحَدَثُ مُنْحَصِرًا فِيهِمَا وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا ذُكِرَ الْحَدَثُ فِي الْمَسْجِدِ تَرَكَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْهُ مَا لَا يُشْكِلُ أَمْرُهُ مِنْ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَاطَاهُ فِي الْمَسْجِدِ ذُو عَقْلٍ وَنَبَّهَ أَبُو هُرَيْرَةَ بِالْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى كَمَا ثَبَتَ فِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِهِ أَيْضًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا وُضُوءَ إلَّا مِنْ صَوْتٍ أَوْ رِيحٍ» فَإِنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْوُضُوءُ مِنْ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ تَفْسِيرُ مَا عَدَا الْعَيْنَ الْخَارِجَةَ مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا مِنْ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ قَرْقَرَةِ الْبَطْنِ وَنَحْوِهَا وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْأَحْدَاثِ كَلَمْسِ النِّسَاءِ وَمَسِّ الْفَرْجِ فَمَنْ لَمْ يَرَ النَّقْضَ بِهَا لَا يَجْعَلُ ذَلِكَ قَاطِعًا لِصَلَاةِ الْمَلَائِكَةِ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى طَهَارَتِهِ وَلَمْ يُؤْذِ وَلَمْ يُحْدِثْ وَأَمَّا الَّذِينَ رَأَوْا ذَلِكَ نَاقِضًا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقُولُوا لَيْسَ ذَلِكَ قَاطِعًا لِصَلَاةِ الْمَلَائِكَةِ أَيْضًا لِأَنَّ رَاوِيَ الْحَدِيثِ فَسَّرَهُ بِمَا فَسَّرَهُ بِهِ وَهُوَ أَعْرَفُ بِمَقْصُودِ الْحَدِيثِ وَهُوَ وَاضِحٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى إذَا لَيْسَ فِي الْحَدَثِ بِذَلِكَ نِدَاءٌ لِبَنِي آدَمَ وَلَا لِلْمَلَائِكَةِ لِعَدَمِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ وَكَوْنُهُ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ لَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ مِنْ كَوْنِهِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ إذْ هُوَ مُنْتَظِرُ يُمْكِنُهُ الْوُضُوءُ عِنْدَ الْأَذَانِ أَوْ عِنْدَ حُضُورِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ مُنْتَظِرًا لِلصَّلَاةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْحَدَثَ كُلَّهُ قَاطِعٌ لِصَلَاةِ الْمَلَائِكَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُتَهَيِّئًا لِانْتِظَارِ الصَّلَاةِ وَقَدْ شُرِطَ فِي حُصُولِ ذَلِكَ كَوْنُهُ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ كَمَا هُوَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ.
{الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ} فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ «مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ» إلَى آخِرِهِ قَالَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ أَيْ مَا لَمْ يَصْدُرْ عَنْهُ مَا يَتَأَذَّى بِهِ بَنُو آدَمَ أَوْ الْمَلَائِكَةُ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ تَأَوَّلَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ الْأَذَى أَنَّهُ الْغِيبَةُ وَشِبْهُهَا قَالَ وَإِنَّمَا هُوَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَذَى الْحَدَثِ يُفَسِّرُ ذَلِكَ حَدِيثُ الثُّومِ لَكِنَّ النَّظَرَ يَدُلُّ أَنَّهُ إذَا آذَى أَحَدًا بِلِسَانِهِ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ عَنْهُ اسْتِغْفَارُ الْمَلَائِكَةِ لِأَنَّ أَذَى السَّبِّ وَالْغِيبَةِ فَوْقَ رَائِحَةِ الْحَدَثِ فَأَوْلَى أَنْ يَنْقَطِعَ بِأَذَى السَّبِّ وَشِبْهِهِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ.
(قُلْتُ) وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ الْمَذْكُورَةُ فِي الْأَصْلِ «مَا لَمْ يُؤْذِ بِحَدَثٍ فِيهِ» فَفَسَّرَ