. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجُلُوسَ فِي الْمُصَلَّى بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ فَمَا الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا سَلَّمَ لَمْ يَقْعُدْ إلَّا مِقْدَارَ مَا يَقُولُ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ تَبَارَكَتْ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» .

وَعِنْدَ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّهُ كَانَ يَمْكُثُ يَسِيرًا كَيْ يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ» .

فَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ دَالَّانِ عَلَى أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَمْكُثَ فِي مُصَلَّاهُ إلَّا بِقَدْرِ ذَلِكَ وَالْجَوَابُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتْرُكُ الشَّيْءَ وَهُوَ يُحِبُّ فِعْلَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَشُقَّ عَلَى النَّاسِ أَوْ خَشْيَةَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْهِمْ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ وَكَانَ يَنْدُبُ إلَى ذَلِكَ بِالْقَوْلِ وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْكُثُ كَثِيرًا فِي مُصَلَّاهُ عِنْدَ عَدَمِ الشُّغْلِ كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا صَلَّى الْفَجْرَ جَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» وَفِي لَفْظٍ لَهُ «كَانَ لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ أَوْ الْغَدَاةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» وَثَبَتَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ حَدَّثَنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الَّذِينَ جَلَسُوا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ كَمَا تَقَدَّمَ فَهَذَانِ الْوَقْتَانِ يَكُونُ الشَّخْصُ غَالِبًا فَارِغًا فِيهِمَا بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ وَبَقِيَّةُ صَلَوَاتِ النَّهَارِ رُبَّمَا يَكُونُ لِلرَّجُلِ مَعَاشٌ وَأَشْغَالٌ بَعْدَهَا وَكَذَلِكَ الْعِشَاءُ لِلِاشْتِغَالِ بِأَسْبَابِ النَّوْمِ وَقَدْ ذَهَبَ مَالِكٌ إلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ فِي انْصِرَافِ الْإِمَامِ بَعْدَ السَّلَامِ فَكَرِهَ لِلْإِمَامِ الْمُقَامَ فِي مَوْضِعِ مُصَلَّاهُ بَعْدَ سَلَامِهِ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ فَقَدْ ثَبَتَتْ إقَامَتُهُ فِي مُصَلَّاهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَمَا وَجْهُ الْكَرَاهَةِ حِينَئِذٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَة الْمُرَادِ بِالْحَدَثِ فِي قَوْلِهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ]

{التَّاسِعَةُ} اُخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالْحَدَثِ فِي قَوْلِهِ «مَا لَمْ يُحْدِثْ» وَقَدْ فَسَّرَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ بِقَوْلِهِ يَفْسُو وَيَضْرِطُ كَمَا هُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي رَافِعٍ كَمَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ وَعِنْدَ الْبُخَارِيِّ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ فَقَالَ رَجُلٌ أَعْجَمِيٌّ مَا الْحَدَثُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ الصَّوْتُ يَعْنِي الضَّرْطَةَ وَكَذَا فَسَّرَهُ أَيْضًا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي رِوَايَتِهِ لِلْحَدِيثِ وَهُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ قَالَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ وَهُوَ مِنْهُ أَيْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ تَمَسُّكٌ بِالْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ قَالَ وَقَدْ فَسَّرَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ الْحَدَثُ الَّذِي يَصْرِفُهُ عَنْ إحْضَارِ قَصْدِ انْتِظَارِ الصَّلَاةِ وَحَمَلَهُ عَلَى الْإِعْرَاضِ عَنْ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ مُسَوَّغًا أَوْ غَيْرَ مُسَوَّغٍ وَهُوَ تَمَسُّكٌ بِأَصْلِ اللُّغَةِ قَالَ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى إحْدَاثِ مَأْثَمٍ وَاَللَّهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015