وَعَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَبْلَغُ فِي التَّطْهِيرِ مِنْ التُّرَابِ فَمَرْدُودٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَنْبِطَ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى يَعُودُ عَلَيْهِ بِالْإِبْطَالِ، وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ أَبْلَغَ مِنْ التُّرَابِ مُطْلَقًا لَجَازَ لِمَنْ وَجَدَ بَعْضَ مَا يَكْفِيهِ مِنْ الْمَاءِ لِأَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ، وَالْيَدَيْنِ دُونَ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ أَبْلَغُ فِي التَّطْهِيرِ وَلَا قَائِلَ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{الْخَامِسَةَ عَشَرَ} ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِالرَّمْلِ عَنْ التُّرَابِ فِي نَجَاسَةِ الْكَلْبِ؛ لِأَنَّ لَهُ اسْمًا يَخُصُّهُ دُونَ التُّرَابِ إلَّا أَنَّ أَصْحَابَنَا صَحَّحُوا جَوَازَ التَّيَمُّمِ بِهِ إذَا كَانَ نَاعِمًا لَهُ غُبَارٌ بَلْ زَادَ النَّوَوِيُّ عَلَى هَذَا فَقَالَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّهُ لَوْ سَحَقَ الرَّمْلَ حَتَّى صَارَ لَهُ غُبَارٌ جَازَ التَّيَمُّمُ بِهِ، وَمُقْتَضَى هَذَا الِاكْتِفَاءُ بِهِ فِي التَّتْرِيبِ مِنْ الْكَلْبِ، وَذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى جَوَازِ كَوْنِهِ يُسَمَّى تُرَابًا.
وَفِي الْحَدِيثِ مَا قَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ فَذَكَرَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ فِي ذَيْلِهِ عَلَى الْعُرَنِيِّينَ لِلْهَرَوِيِّ أَنَّ فِي حَدِيثِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ أَمْرَانِ تُكْفَأُ الْقُدُورُ، وَأَنْ يُرَمَّلَ اللَّحْمُ بِالتُّرَابِ وَفَسَّرَهُ بِأَنَّهُ يُلَتُّ بِالتُّرَابِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُتَرَّبُ بِالتُّرَابِ فَأَتَى بِقَوْلِهِ يُرَمَّلُ؛ لِأَنَّ الرَّمْلَ مِنْ جِنْسِ التُّرَابِ فَجَمَعَ بَيْنَ ذِكْرِ الرَّمْلِ، وَالتُّرَابِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ حَتَّى يَصِيرَ التُّرَابُ لَهُ رِمَالًا كَمَا يُرَمَّلُ السَّرِيرُ فَيَلْتَصِقُ عَلَيْهِ التُّرَابُ فَشُبِّهَ ذَلِكَ مِنْ كَثْرَتِهِ بِالنَّسْجِ عَلَى السَّرِيرِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{السَّادِسَةَ عَشَرَ} فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ ذَهَبَ إلَى اشْتِرَاطِ الْغَسْلِ مِنْ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ ثَمَانِيًا وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي بِأَنَّهُ يُغْسَلُ سَبْعًا بِالْمَاءِ وَمَرَّةً ثَامِنَةً بِالتُّرَابِ قَالَ: وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا كَانَ يُفْتِي بِذَلِكَ غَيْرُهُ.
(قُلْت) : قَدْ ذَهَبَ إلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَيْضًا كَمَا حَكَاهُ عَنْهُ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَحَكَاهُ عَنْهُ أَيْضًا الرَّافِعِيُّ وَحُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَاغْسِلُوهُ سَبْعًا وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَالْحَدِيثُ قَوِيٌّ فِيهِ فَمَنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ احْتَاجَ إلَى تَأْوِيلِهِ بِوَجْهٍ فِيهِ اسْتِكْرَاهٌ.
وَقَالَ الطَّحْطَاوِيُّ: يَنْبَغِي لِهَذَا الْمُخَالِفِ لَنَا أَنْ يَقُولَ: لَا يَطْهُرُ الْإِنَاءُ حَتَّى يُغْسَلَ ثَمَانِيَ مَرَّاتٍ الثَّامِنَةُ بِالتُّرَابِ لِيَأْخُذَ بِالْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْ هَذَا فِي الْفَائِدَةِ السَّابِعَةِ وَفِي الْعَاشِرَةِ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ.
{الْحَدِيثُ الثَّالِثُ} عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ