. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ الْكُبْرَى مِنْ طَرِيقِ الدَّارَقُطْنِيِّ، ثُمَّ قَالَ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ إنْ حَفِظَهُ مُعَاذٌ فَهُوَ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ التُّرَابَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمْ يَرْوِهِ ثِقَةٌ غَيْرُ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: وَإِنَّمَا رَوَاهُ غَيْرُ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ كَمَا تَقَدَّمَ انْتَهَى وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ أَنَّهُ رَوَاهُ خِلَاسٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ «أُخْرَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» قَالَ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِي حَدِيثِ خِلَاسٍ إحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ هَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ خِلَاسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ سَمِعَ خِلَاسٌ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرِوَايَتُهُ عَنْهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْهُ ذِكْرُ أَبِي رَافِعٍ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ رِوَايَةُ النَّسَائِيّ الْمُتَقَدِّمَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{التَّاسِعَةُ} فِي قَوْلِهِ: طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ مَعَ ذِكْرِ التُّرَابِ فِي آخِرِهِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفِي التَّتْرِيبُ بِتُرَابٍ نَجِسٍ؛ لِأَنَّ النَّجِسَ لَا يَكُونُ مُطَهِّرًا، وَهُوَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ كَمَا لَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِتُرَابٍ نَجِسٍ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ يَصِحُّ كَالدِّبَاغِ بِشَيْءٍ نَجِسٍ وَبَنَى الرَّافِعِيُّ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ مَا إذَا تَنَجَّسَتْ الْأَرْضُ التُّرَابِيَّةُ بِالْكَلْبِ، فَإِنْ قُلْنَا لَا يَكْفِي التُّرَابُ النَّجِسُ فَلَا بُدَّ مِنْ تُرَابٍ آخَرَ وَلَكِنَّ الْأَظْهَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تُرَابٍ آخَرَ إذْ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ.
{الْعَاشِرَةُ} فِي قَوْلِهِ: فَاغْسِلُوهُ سَبْعًا أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ مَا قَدْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِذَرِّ التُّرَابِ عَلَى الْمَحَلِّ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي الْمَاءِ وَيُوَصِّلَهُ إلَى الْمَحَلِّ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ جَعَلَ مَرَّةَ التَّتْرِيبِ دَاخِلَةً فِي مُسَمَّى الْغَسَلَاتِ، وَذَرُّ التُّرَابِ عَلَى الْمَحَلِّ لَا يُسَمَّى غَسْلًا وَهَذَا مُمْكِنٌ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا ذَرَّ التُّرَابَ عَلَى الْمَحَلِّ وَأَتْبَعَهُ الْمَاءَ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ غَسَلَ بِالتُّرَابِ.
وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ: وَعَفِّرُوهُ قَدْ يُشْعِرُ بِالِاكْتِفَاءِ بِالتَّتْرِيبِ بِطَرِيقِ ذَرِّ التُّرَابِ عَلَى الْمَحَلِّ، فَإِنْ كَانَ خَلْطُهُ بِالْمَاءِ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ تَعْفِيرًا لُغَةً فَقَدْ ثَبَتَ مَا قَالُوهُ؛ لِأَنَّ لَفْظَ التَّعْفِيرِ حِينَئِذٍ يَنْطَلِقُ عَلَى ذَرِّ التُّرَابِ عَلَى الْمَحَلِّ وَعَلَى إيصَالِهِ بِالْمَاءِ إلَيْهِ، وَالْحَدِيثُ الَّذِي دَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ مُسَمَّى الْغَسْلَةِ يَدُلُّ عَلَى خَلْطِهِ بِالْمَاءِ وَإِيصَالِهِ إلَى الْمَحَلِّ بِهِ، وَذَلِكَ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى مُقْتَضَى مُطْلَقِ التَّعْفِيرِ عَلَى التَّقْدِيرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ شُمُولِ اسْمِ التَّعْفِيرِ لِلصُّورَتَيْنِ مَعًا أَعْنِي ذَرَّ التُّرَابِ