. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي ثَلَاثٍ الْمَاءُ وَالْكَلَأُ وَالنَّارُ» قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا مَعْنَاهُ الْكَلَأُ يَثْبُتُ فِي مَوَاتِ الْأَرْضِ يَرْعَاهُ النَّاسُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُخَصَّ بِهِ دُونَ أَحَدٍ وَيَحْجِزَهُ عَنْ غَيْرِهِ وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إذَا عَزَّ الرَّجُلُ مِنْهُمْ حَمِيَ بُقْعَةً مِنْ الْأَرْضِ لِمَاشِيَتِهِ تَرْعَاهَا يَذُودُ النَّاسَ عَنْهَا فَأَبْطَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ وَجَعَلَ النَّاسَ فِيهِ شُرَكَاءَ يَتَعَاوَرُونَهُ بَيْنَهُمْ فَأَمَّا الْكَلَأُ إذَا نَبَتَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِمَالِكٍ بِعَيْنِهِ فَهُوَ مَالٌ لَهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُشْرِكَهُ فِيهِ إلَّا بِإِذْنِهِ قَالَ: وَقَوْلُهُ (وَالنَّارُ) فَسَّرَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِالْحِجَارَةِ الَّتِي تُرْبِي النَّارَ فَلَا يُمْنَعُ أَحَدٌ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا حَجَرًا يَقْدَحُ بِهِ النَّارَ فَأَمَّا الَّتِي يُوقِدُهَا الْإِنْسَانُ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ غَيْرَهُ مِنْ أَخْذِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَهُ أَنْ يَمْنَعَ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا جَذْوَةً مِنْ الْحَطَبِ قَدْ احْتَرَقَ فَصَارَ جَمْرًا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَصْبِحَ مِنْهَا مِصْبَاحًا أَوْ يُدْنِيَ مِنْهَا ضِغْثًا يَشْتَعِلُ بِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُنْقِصُ مِنْ عَيْنِهَا شَيْئًا. انْتَهَى.
وَقَالَ صَاحِبُ الْعُدَّةِ مِنْ أَصْحَابِنَا: لَوْ أَضْرَمَ نَارًا فِي حَطَبٍ مُبَاحٍ بِالصَّحْرَاءِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُ مَنْ يَنْتَفِعُ بِتِلْكَ النَّارِ، فَلَوْ جَمَعَ الْحَطَبَ مَلَكَهُ فَإِذَا أَضْرَمَ فِيهِ النَّارَ كَانَ لَهُ مَنْعُ غَيْرِهِ مِنْهَا. انْتَهَى. وَأَمَّا الْمَاءُ فَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمِيَاهُ الْمُبَاحَةُ النَّابِعَةُ فِي مَوْضِعٍ لَا يَخْتَصُّ بِأَحَدٍ وَلَا صُنْعَ لِلْآدَمِيَّيْنِ فِي إنْبَاعِهَا، وَإِجْرَائِهَا كَالْفُرَاتِ وَجَيْحُونَ وَالنِّيلِ وَسَائِرِ أَوْدِيَةِ الْعَالَمِ وَالْعُيُونِ فِي الْجِبَالِ وَسُيُولِ الْأَمْطَارِ فَالنَّاسُ فِيهَا سَوَاءٌ لَكِنْ مَنْ أَخَذَ مِنْهَا شَيْئًا فِي إنَاءٍ أَوْ جَعَلَهُ فِي حَوْضٍ مَلَكَهُ وَلَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ مُزَاحَمَتُهُ فِيهِ وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ (وَثَمَنُهُ حَرَامٌ) أَيْ الْمَذْكُورُ فَأَعَادَ الضَّمِيرَ مُفْرَدًا، وَإِنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ثَلَاثٍ، وَإِنَّمَا كَانَ ثَمَنُهُ حَرَامًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ. وَحَمْلُ أَبِي سَعِيدٍ وَهُوَ الْأَشَجُّ لَهُ عَلَى الْجَارِي هُوَ الْغَالِبُ فَلَوْ كَانَ الْمَاءُ الْمُبَاحُ غَيْرَ جَارٍ كَمَاءِ السُّيُولِ الرَّاكِدَةِ فِي الْمُسْتَنْقَعَاتِ فَحُكْمُهَا كَذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(السَّابِعَةَ عَشْرَةَ) رَوَى ابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا عَنْ عَمَّارِ بْنِ خَالِدٍ الْوَاسِطِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ غُرَابٍ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ جُعْدَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ «عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ قَالَ الْمَاءُ وَالْمِلْحُ وَالنَّارُ، قَالَتْ: قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْمَاءُ قَدْ عَرَفْنَاهُ فَمَا بَالُ الْمِلْحِ وَالنَّارِ؟ قَالَ يَا حُمَيْرَاءُ مَنْ أَعْطَى نَارًا فَكَأَنَّمَا تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَا أَنْضَجَتْ تِلْكَ النَّارُ وَمَنْ أَعْطَى