. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْبَيَانِ وَيَدُلُّ لَهُ مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ أَحْسَبُهُ رَفَعَ الْحَدِيثَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ» وَالطَّرِيقُ الْآخَرُ الْجُحْفَةِ الْحَدِيثُ وَأَمَّا الْفَرْقُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَلَا يَظْهَرُ لَهُ مَعْنًى وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ: هَذَا مَحَلُّ نَظَرٍ فَإِنَّ قَوْلَهُ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ عَامٌّ فِيمَنْ أَتَى، يَدْخُلُ تَحْتَهُ مِنْ مِيقَاتِهِ بَيْنَ يَدَيْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ الَّتِي مَرَّ بِهَا وَمَنْ لَيْسَ مِيقَاتُهُ بَيْنَ يَدَيْهَا، وَقَوْلُهُ وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ عَامٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ يَمُرُّ بِمِيقَاتٍ آخَرَ أَوَّلًا فَإِذَا قُلْنَا بِالْعُمُومِ الْأَوَّلِ دَخَلَ تَحْتَهُ هَذَا الشَّامِيُّ الَّذِي مَرَّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْهَا وَإِذَا عَمِلْنَا بِالْعُمُومِ الثَّانِي وَهُوَ أَنَّ لِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ دَخَلَ تَحْتَهُ هَذَا الْمَارُّ أَيْضًا بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَيَكُونُ لَهُ التَّجَاوُزُ إلَيْهَا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا عُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ فَكَمَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مَخْصُوصٌ بِمَنْ لَيْسَ مِيقَاتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةُ مَخْصُوصٌ بِمَنْ لَمْ يَمُرَّ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ اهـ وَلَوْ سَلَكَ مَا ذَكَرْته أَوَّلًا مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ مَنْ سَلَكَ طَرِيقَ سَفَرِهِمْ وَمَرَّ عَلَى مِيقَاتِهِمْ لَمْ يَرِدْ هَذَا الْإِشْكَالُ وَلَمْ يَتَعَارَضْ هُنَا دَلِيلَانِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِيقَاتٌ لِأَهْلِ بَلَدِهِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ سَكَنِهِ كَالْيَمَنِيِّ يَحُجُّ مِنْ الْمَدِينَةِ لَيْسَ لَهُ مُجَاوَزَةُ مِيقَاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ غَيْرَ مُحْرِمٍ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ سُكَّانَهَا وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِأَهْلِهَا مَنْ حَجَّ مِنْهَا وَسَلَكَ طَرِيقَ أَهْلِهَا وَلَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى سُكَّانِهَا لَوَرَدَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ وَحَصَلَ الِاضْطِرَابُ فِي هَذَا فَنُفَرِّقُ فِي الْغَرِيبِ الطَّارِئِ عَلَى الْمَدِينَةِ مَثَلًا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِيقَاتٌ لِأَهْلِ بَلَدِهِ أَمْ لَا فَنَحْمِلُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ تَارَةً عَلَى سُكَّانِهَا وَتَارَةً عَلَى سُكَّانِهَا وَالْوَارِدِينَ عَلَيْهَا وَيَصِيرُ هَذَا تَفْرِيقًا بِغَيْرِ دَلِيلٍ وَإِذَا حَمَلْنَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي ذَلِكَ اضْطِرَابٌ وَمَشَى اللَّفْظُ عَلَى مَدْلُولٍ وَاحِدٍ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَكَلَامُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ الْمَالِكِيَّانِ وَابْنُ قُدَامَةَ الْحَنْبَلِيِّ يَقْتَضِي مَا ذَكَرْته مِنْ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ لَهُ مِيقَاتٌ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالشَّامِّي يَمُرُّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ هَلْ لَهُ مُجَاوَزَتُهَا إلَى الْجُحْفَةِ: أَمَّا الْمَدَنِيُّ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ