. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQحَدَّ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ لِلْإِحْرَامِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ تَعْلِيقُ الْإِحْرَامِ بِوَقْتِ الْوُصُولِ إلَى هَذِهِ الْأَمَاكِنِ بِشَرْطِ إرَادَةِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ {الْخَامِسَةُ} قَوْلُهُ (مُهَلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ مَوْضِعُ إهْلَالِهِمْ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مُطْلَقُ الْإِحْرَامِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمُلَازِمَتِهِ لَهُ فِي عَادَتِهِمْ غَالِبًا وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ يُهِلُّ بِيَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتٍ أَوَّلُهُ مَضْمُومَةٌ وَهَاءٌ مَكْسُورَةٌ فِعْلٌ مُضَارِعٌ مِنْ أَهَلَّ.
{السَّادِسَةُ} الْمُرَادُ بِأَهْلِ الْمَدِينَةٍ وَأَهْلِ الشَّامِ وَأَهْلِ نَجْدٍ كُلُّ مَنْ سَلَكَ طَرِيقَ سَفَرِهِمْ بِحَيْثُ إنَّهُ مَرَّ عَلَى هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ بِلَادِهِمْ فَلَوْ مَرَّ الشَّامِيُّ عَلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ كَمَا يَفْعَلُ الْآنَ لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ مِنْهَا وَلَيْسَ لَهُ مُجَاوَزَتُهَا إلَى الْجُحْفَةِ الَّتِي هِيَ مِيقَاتُهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا فَقَالَ «هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ» وَقَوْلُهُ (لَهُنَّ) كَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَيْ لِلْأَقْطَارِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ الْمَدِينَةُ وَمَا مَعَهَا وَالْمُرَادُ لِأَهْلِهِنَّ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَأَقَامَ الْمُضَافَ إلَيْهِ مَقَامَهُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد فِي سُنَنِهِ لَهُمْ وَكَذَا فِي مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَيْ أَهْلِ هَذِهِ الْمَوَاضِع وَهُوَ أَظْهَرُ تَوْجِيهًا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: إنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَإِنْ أَرَادَ نَفْيَ الْخِلَافِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَهُوَ صَحِيحٌ وَإِنْ أَرَادَ نَفْيَ الْخِلَافِ مُطْلَقًا فَمَرْدُودٌ، فَإِنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ أَنَّ لَهُ أَنْ يُجَاوِزَ ذَا الْحُلَيْفَةِ إلَى الْجُحْفَةِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَوْ مِصْرَ وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ وَلَا أَعْلَمُ عِنْدَهُمْ خِلَافًا فِي ذَلِكَ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ قَالَ وَبِهَذَا نَقُولُ وَصَرَّحَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ فِي كُتُبِهِمْ وَقَدْ نَكَّتَ الشَّيْخُ تَقِيِّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ بِذَلِكَ ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ إذَا أَرَدْت الْحَجَّ أَحْرَمْت مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَإِذَا أَرَدْت الْعُمْرَةَ أَحْرَمَتْ مِنْ الْجُحْفَةِ (قُلْت) لَعَلَّهَا لَمَّا كَانَتْ تَعْتَمِرُ لَا تَسْلُكُ طَرِيقَ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلَا تَمُرُّ بِهَا عَلَيْهَا بَلْ تَسْلُكُ طَرِيقًا أُخْرَى تَمُرُّ عَلَى الْجُحْفَةِ خَاصَّةً وَقَدْ حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ الْعِمْرَانِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا