أَسْتَدْعِيهِ إِلَيَّ، وَاسْتَشْرِقْ أَنْتَ حَتَّى تَرَاهُ، فَفَعَلَ وَقَعَدَ فِي قُبَّةٍ لَهُ حَيْثُ يَرَى بُهْلُولا إِذَا أَقْبَلَ إِلَى ابْنِ غَانِمٍ، وَكَانَ طَرِيقُهُ فِي سُوقِ دَارِ الإِمَارَةِ، فَلَمَّا أَقْبَلَ بُهْلُولٌ بَصُرَ بِهِ الْعَكِّيُّ، فَجَعَلَ يَقُولُ فِي بُهْلُولٍ: تَبَارَكَ اللَّهُ، كَأَنَّهُ وَاللَّهِ، سُفْيَانُ فِي ثِيَابِهِ، يَعْنِي: سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ اللَّبَّادِ، حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، رَحِمَهُ اللَّهُ، يَقُولُ: لَمَّا انْطُلِقَ بِبُهْلُولٍ إِلَى الْعَكِّيِّ أَدْرَكْتُهُ عِنْدَ السِّيُورِيِّينَ، فَلَقِيَهُ قَوْمٌ مُتَلَثِّمُونَ يُعْرَفُ الشَّرُّ فِي وُجُوهِهِمْ، فَأَسَرُّوا إِلَيْهِ كَلامًا لَمْ أَسْمَعْهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ لَهُمْ بِنَفَرٍ: لا، لا وَيُكَرِّرُهَا، قَالَ أَبِي: فَخِلْتُ بِهِمْ أَنَّهُمُ اسْتَاذَنُوهُ فِي الْخُرُوجِ فَنَهَاهُمْ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، اذْهَبْ بِكُتُبِي إِلَى دَحْيُونِ بْنِ رَاشِدٍ، أَوْ قَالَ: قُلْ لِدَحْيُونٍ يَضُمُّ كُتُبِي إِلَيْهِ، قَالَ أَبُو عُثْمَانَ: الشَّكُّ مِنِّي.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ اللَّبَّادِ: وَحَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ بُهْلُولٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ الْكُوفِيِّ السَّاكِنِ بِالْمُنَسْتِيرِ، قَالَ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ مَعَ بَعْضِ الْخُلَفَاءِ، وَكُنَّا مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الثُّغُورِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفِ فَارِسٍ، تُقْضَى لَنَا كُلَّ يَوْمٍ حَاجَتَانِ نَرْفَعُ فِيهِمَا رُقْعَةً، وَنَبْعَثُ بِهَا إِلَى الْحَاجِبِ، حَتَّى بَلَغَنَا أَنَّ بُهْلُولَ بْنَ رَاشِدٍ ضُرِبَ بِإِفْرِيقِيَّةَ، فَأَتَيْنَا بِأَسْرِنَا إِلَى بَابِ الْخَلِيفَةِ، فَلَمَّا أَبْصَرْنَا حَاجِبَ الْخَلِيفَةِ، وَأَخْبَرَنَا، قَالَ: مَا بَالُكُمْ؟ فَقُلْنَا لَهُ: كَانَتْ لَنَا حَاجَتَانِ كُلَّ يَوْمٍ، وَقَدْ جَعَلْنَا حَوَائِجَنَا كُلَّهَا مَا دُمْنَا فِي نُصْرَةِ بُهْلُولِ بْنِ رَاشِدٍ، إِنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ الْعَكِّيَّ ضَرَبَهُ بِالسِّيَاطِ، فَقَالَ لَنَا الْحَاجِبُ: اتَّقُوا اللَّهَ فِي دَمِ الْعَكِّيِّ، لَيْسَ يَبْلُغُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ الْعَكِّيَّ ضَرَبَ بُهْلُولا إِلا أَمَرَ بِسَفْكِ دَمِهِ، وَكَيْفَ يُضْرَبُ بُهْلُولٌ بِإِفْرِيقِيَّةَ إِلا أَنْ يَكُونَ أَهْلُ إِفْرِيقِيَّةَ ارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلامِ؟ وَلَكِنِ امْكُثُوا فَإِنْ صَحَّ خَبَرُ الْعَكِّيِّ وَضَرْبُهُ إِيَّاهُ أَمْكَنَكُمْ أَنْ تَرْفَعُوا