وَمِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، وَأَشْهَبَ، وَبَشَرٍ كَثِيرٍ غَيْرِهِمْ.
وَكَانَ لَهُ فِقْهٌ وَأَدَبٌ وَعَقْلٌ وَصِيَانَةٌ، سَمِعَ مِنَ النَّاسِ، وَرَحَلَ إِلَيْهِ مِنَ الْقَيْرَوَانِ نَاسٌ كَثِيرٌ يَسْمَعُونَ مِنْهُ، مِنْهُمْ: سَعِيدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ سَالِمٍ، وَغَيْرُهُمَا.
كَانَ مِنْ أَكْرَمِ النَّاسِ، قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: لَقَدْ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ سَالِمٍ، وَغَيْرُهُ أَنَّهُ انْصَرَفَ لَيْلَةً مِنْ مَسْجِدِ جَامِعِ تُونُسَ فَانْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِهِ، فَوَثَبَ إِلَيْهِ رَجُلٌ حَائِكٌ مِنْ حَانُوتِهِ فَأَعْطَاهُ شِسْعًا فَأَصْلَحَ نَعْلَهُ، وَكَانَ رَجُلٌ مَعَهُ يَحْمِلُ قِنْدِيلا، فَقَالَ لِحَامِلِ الْقِنْدِيلِ: قَرِّبِ الْقِنْدِيلَ إِلَيَّ، فَقَرَّبَهُ مِنْهُ، فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِ الْحَائِكِ لِيَعْرِفَهُ فَيُكَافِيَهُ، فَكَانَ كُلَّمَا مَرَّ إِلَى الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ الْجَمَاعَةُ، مَالَ إِلَى الْحَائِكِ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ، وَيَسْأَلُهُ عَنْ حَالِهِ شُكْرًا لِلشِّسْعِ الَّذِي أَعْطَاهُ.
قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَتُوُفِّيَ بِتُونُسَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ.