أَيَّام الطَّاعُون وَقد اجْتمع فِي الْجَامِع مئة جَنَازَة وَثَلَاث عشرَة جَنَازَة ابْتَدَأَ قبل خطْبَة الْجُمُعَة ينعي نَفسه وإعلام الْحَاضِرين بِقرب مَوته واستودع النَّاس وَأَبْرَأ واستبرأ فَكَانَ من كَلَامه أَيهَا النَّاس إِنِّي أعظكم وَأَنا أَحَق بالوعظ وَقد خطبت بكم نَحْو أَرْبَعِينَ سنة وخالطتكم ونلت من أعراضكم وَأَنا أسْتَغْفر الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم وَقد أبرأتكم عَمَّا أطالبكم بِهِ من الْعرض وَالْمَال فَمن لَهُ عَليّ مظْلمَة وَلم يعف عني فليطلبها مني فَإِنِّي أؤديها بعون الله وقوته وَمن عَفا عني فَالله أَحَق بِالْعَفو عَنهُ وأستودعكم الله الَّذِي لَا أَله إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم الَّذِي لَا تخيب لَدَيْهِ الودائع وَالله خليفتي على كل مُسلم وَهَذَا آخر مقَام أقومه فِيكُم وَآخر موعظة أعظكم فِي كَلَام كثير لم أحفظه ثمَّ أَتَى بِخطْبَة الْجُمُعَة مختصرة وَكَانَت هَذِه الْخطْبَة آخر الْعَهْد بِهِ ثمَّ نزل من الْمِنْبَر باكيا حَزينًا لم يسْتَطع أَن يُصَلِّي الْجُمُعَة بِالنَّاسِ بل صلاهَا بعض المؤذنين فَمَرض وَتُوفِّي فِي ذَلِك الْأُسْبُوع وقبر بالمحطة فقبره مَعْرُوف يزار ويتبرك بِهِ

وَمِنْهُم المقرىء الْعَالم شمس الدّين عَليّ بن أبي بكر السحولي بَلَدا كَانَ رجلا لَهُ الْيَد الطُّولى فِي علم النَّحْو واللغة وَالْعرُوض وأمثال الْعَرَب وَعلم القوافي وشواهد الْعَرَب ويشارك بِسَائِر الْعُلُوم من الْفِقْه والمنطق وَالْحكمَة وأصل بَلَده السحول من قَرْيَة يُقَال لَهَا مليل فانتقل مِنْهَا لطلب الْعلم فقرأه فِي تعز وَصَنْعَاء وَغَيرهمَا على مَشَايِخ شَتَّى وَكَانَ متقللا من الدُّنْيَا كثير الْعِبَادَة شَدِيد التعصب على أهل الْبدع من الزيدية وَغَيرهم وَله فِي ذَلِك النّظم البديع فَمن ذَلِك مَا رده على الْفَقِيه أَحْمد الشَّامي على القصيدة الَّتِي أَولهَا هلا سَأَلت مطهرا وصلاحا وَجَوَابه مَشْهُور طَوِيل أعجب مَا فِيهِ أَنه قَالَ فِي النَّاصِر ابْن مُحَمَّد وَهُوَ مَحْصُور فِي ذمار حَال قيام الإِمَام صَلَاح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015