الشُّهْرَة من الثِّيَاب وَكَانَ كثير التَّرَدُّد إِلَى مَكَّة المشرفة كثير الِابْتِلَاء بالأمراض صَابِرًا شاكرا حامدا يكرم الضَّيْف ويتجمل إِلَيْهِم وبورك لَهُ فِي رزقه وَكَانَ يرى الصَّالِحين على أَحْوَال مُخْتَلفَة وَيكثر الْبكاء عِنْد تِلَاوَة كتاب الله أَو اسْتِمَاع شَيْء من الْوَعْظ توفّي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وثمانمئة وَدفن بالمحطة
وَقد قيل لَهُ قَرِيبا من وَفَاته فِي مَرضه للْمَوْت أَيْن يكون قبرك فَقَالَ الْأَمْكِنَة عِنْدِي سَوَاء والمرجو من الله تَعَالَى حسن الْمُقَابلَة فَلَمَّا توفّي وحملت جنَازَته كَاد النَّاس يقتتلون على حمل جنَازَته لما يَعْتَقِدُونَ فِيهِ من الْخَيْر وَالصَّلَاح وَمن كَثْرَة الزحام على حملهَا كَانَت مُدَّة السّير بهَا من الْجَامِع إِلَى المحطة قَرِيبا من ربع يَوْم ووجلت الْقُلُوب وذرفت الْعُيُون لفراقه رَحمَه الله ونفع بِهِ آمين
وَمِنْهُم المقرىء الصَّالح تَقِيّ الدّين عمر بن عِيسَى الْخَطِيب كَانَ رجلا فَاضلا نحويا مقرئا واعظا فصيحا شَأْنه التَّوَاضُع فسلك الطَّرِيقَة المحمودة من مجالسة الأخيار والخشوع والخضوع وَكَانَ خَطِيبًا فِي مَدِينَة إب ولكلامه ووعظه فِي الْقُلُوب موقع وَكَانَ قريب الْعبْرَة حسن الصَّوْت كثير الصمت مشاركا بِشَيْء من الْفِقْه وانتفع عَلَيْهِ جمَاعَة من الدرسة فِي النَّحْو والقراءات السَّبع وَكَانَ كثير الِاعْتِكَاف فِي الْجَامِع الْمُبَارك باذلا نَفسه للطلبة ودام على ذَلِك سِنِين كَثِيرَة إِلَى أَن توفّي شهر ذِي الْحجَّة سنة تسع وَثَلَاثِينَ وثمانمئة من ألم الطَّاعُون وَكَانَ فِي أَيَّام الفناء بالطاعون يدْفن الغرباء ويحملهم إِلَى الْمَقَابِر ثمَّ يصعد الْمِنْبَر يَوْم الْجُمُعَة وَيَأْتِي بوعظ توجل مِنْهُ الْقُلُوب وتجري بِهِ الْعُيُون بِاللَّفْظِ الرَّقِيق وَالْمعْنَى الدَّقِيق وَكَانَ آخر جُمُعَة خطب فِيهَا فِي ذَلِك الْوَقْت