وَالْحكم والزهد وَالتَّرْغِيب والترهيب وَغير ذَلِك وَكَانَ لَهُ أَصْحَاب يَهْتَدُونَ بهديه توفّي رَحمَه الله شهر رَمَضَان سنة سِتّ عشرَة وثمانمئة وَدفن بالمحطة وقبره مَعْرُوف يزار ويتبرك بِهِ وَقد رأى لَهُ صَاحبه القَاضِي أَحْمد بن مُحَمَّد البريهي رُؤْيا صَالِحَة ذكرتها فِي الأَصْل وَمن شعره وَهُوَ مُسَافر الى مَكَّة المشرفة لِلْحَجِّ عِنْدَمَا رأى غرابا مَيتا فِي طَرِيقه فَقَالَ
(توسمت من موت الْغُرَاب بأنني ... بديوان أهل الْقرب قد صرت مثبتا)
(وَلَا بَين أَرْجُو من حَبِيبِي بَعْدَمَا ... رَأَيْت بعيني طَائِر الْبَين مَيتا)
وَمِنْهُم الْفَقِيه مُحَمَّد بن عبد الله الحجري أصل بَلَده حجر وَفد إِلَى مَدِينَة إب لطلب الْعلم الشريف فَقَرَأَ على المقرىء معوضة الْمُقدم الذّكر واشتهر بِالْخَيرِ وَالصَّلَاح ورتب إِمَامًا بِالْمَدْرَسَةِ الجلالية بعد وَفَاة المقرىء وَكَانَ حسن الصَّوْت طيب الْقِرَاءَة لين الْقلب مُجْتَهدا فِي الْعِبَادَة دَامَ على ذَلِك إِلَى أَن توفّي سنة سبع وَعشْرين وثمانمئة
وَأخْبر الَّذِي يحْفر الْقُبُور أَنه حفر قبرا بجنبه فَسَمعهُ يقْرَأ الْقُرْآن فِي قَبره بِصَوْت جَهورِي ونغم حسن وَسمع غير الحفار ذَلِك فِي أَوْقَات مُتعَدِّدَة رَحمَه الله ونفع بِهِ
وَمِنْهُم الْفَقِيه الصَّالح أَحْمد بن عبد الله المكفوف الْبَصَر كَانَ رجلا فَاضلا دأبه قِرَاءَة الْقُرْآن وإقراء الدرسة لِلْقُرْآنِ الْعَظِيم بالجامع الْمُبَارك فِي سَبِيل الله تلقينا وَكَانَ صَابِرًا قد غلبت عَلَيْهِ التِّلَاوَة الَّتِي هِيَ من أَوْصَاف أهل الْجنَّة وَكَانَ يجْرِي فِي الْمَدِينَة أُمُور كبار كدخول السلاطين إِلَيْهَا قهرا أَو غير ذَلِك فَلَا يخرج من الْجَامِع وهيأ الله لَهُ من كَفاهُ أَمر الْقُوت إِلَى مَكَانَهُ مُدَّة وُقُوفه بالجامع فَلم يهمه شَيْء يحْتَاج إِلَيْهِ وَبَقِي على الْحَال المرضي إِلَى أَن توفّي فِي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وثمانمئة رَحمَه الله تَعَالَى ونفع بِهِ