وَكتب إِلَيْهِ شعرًا فِي قصيدة أَولهَا
(أبلغ صفي الدّين عَن مَمْلُوكه ... بعد التَّحِيَّة دَاعيا بالعافيه)
(شوق ترادف فِي الجوانح ثقله ... فَلهُ على الأحشاء نَار حاميه)
(لله دَرك أَحْمد بن مُحَمَّد ... من ذِي موارد فِي الصداقة صافيه)
إِلَى آخرهَا وَهِي طَوِيلَة فَأَجَابَهُ صفي الدّين الْمَذْكُور مُبينًا لما ألغز بِهِ وألغز لَهُ أَيْضا بِالْجَوَابِ وأوله
(أَهلا بِهِ من بَحر علم جَاءَنِي ... من عِنْد بدر ذِي مَرَاتِب عاليه)
(حسن الْفَضَائِل وَالشَّمَائِل نَفسه ... لذرى الْمَعَالِي والمعاني راقيه)
(ألْقى بِحسن الظَّن فِي مَمْلُوكه ... أحجية هِيَ فِي الأحاجي ساميه)
والقصيدتان بكمالهما فِي الأَصْل تركت مَا فيهمَا اختصارا
وللقاضي صفي الدّين شعر رائق فِي الْوَعْظ والغزل والزهد من ذَلِك فِي الْوَعْظ مَا قَالَه فِي هذَيْن الْبَيْتَيْنِ
(احفظ لسَانك لاتفه بنميمة ... وَاحْذَرْ تفه بِالْكَذِبِ أَو بالغيبة)
(فَإِن انْتَهَيْت فقد نجوت وَإِن أَبيت ... فقد بليت وَيَا لَهَا من بلية)
عَاشَ رَحمَه الله على الْحَال المرضي لَازِما للسّنة سالكا فِي ولَايَة الْقَضَاء فِي الْمَدِينَة الْمَذْكُورَة الطَّرِيقَة المحمودة وَقد كَانَ أضيف إِلَيْهِ الْقَضَاء فِي جِهَات بعدان فَامْتنعَ عَن ذَلِك وَكَانَت لَهُ وجاهة إِلَى الأكابر وإقدام على الْأُمُور مَعَ تسهيل الصعاب وتذليلها توفّي رَحمَه الله تَعَالَى من ألم يسير لم يصل فِيهِ فَرِيضَة جَالِسا
وَأَخْبرنِي من حضر وَفَاته أَنه طلب مَاء ليتوضأ بِهِ لصَلَاة الظّهْر فَقَامَ وَثقل عَلَيْهِ الْمَشْي فِي الطَّرِيق فَجَلَسَ وَشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله ثمَّ توفّي بِتِلْكَ السَّاعَة وَذَلِكَ أعظم دَلِيل على توفيقه ورؤي فِي الْمَنَام بعد وَفَاته على حَال مرض وَأَنه