بِشَيْء والطائر الْأَخْضَر رفع رَأسه وَنظر إِلَيّ بعينين مليحتين فَمَا زَالَ ينظر إِلَيّ سَاعَة وَهُوَ يكَاد يتَكَلَّم أَو يضْحك ثمَّ بعد ذَلِك طارا جَمِيعًا إِلَى جِهَة الْقبْلَة
قَالَ فَبَقيت معجبا من أَمرهمَا ثمَّ تَوَضَّأت وَدخلت الْمَسْجِد فَأول مَا سَمِعت قَارِئًا يقْرَأ {كل نفس ذائقة الْمَوْت} قَالَ فأيقنت أَنِّي ميت من ذَلِك الْمَرَض فَقَالَ وَالِده يَا وَلَدي لَعَلَّ ذَلِك كَانَ فِي الْمَنَام فَقَالَ لَا وَالله وَمد بهَا صَوته بل رأيتهما فِي الْيَقَظَة بعيني هَاتين فَأخْبرت أَنه دَامَ عَلَيْهِ ذَلِك الْمَرَض أَيَّامًا ثمَّ توفّي صَلَاة الضُّحَى فِي الْيَوْم الثَّالِث وَالْعِشْرين من شهر رَمَضَان سنة سبع وَتِسْعين وسبعمئة وَدفن بمقبرتهم بقرية شنين
وَكَانَ يملك كتبا كَثِيرَة فأوقفها على من يقْرَأ بهَا بشنين وَجعل النّظر لوالده ثمَّ عَاشَ وَالِده بعده صَابِرًا محتسبا شاكرا لله تَعَالَى على قَضَائِهِ وَقدره إِلَى ان أوجب مَا أجْبرهُ على الْخُرُوج من شنين إِلَى مَدِينَة تعز فَتَلقاهُ السُّلْطَان الْأَشْرَف وَأحسن إِلَيْهِ وأضاف إِلَيْهِ من الْأَسْبَاب مَا يَلِيق بِحَالهِ ويكفيه هُوَ وَأَوْلَاده فَكَانَ يدرس ويفتي بِمَدِينَة تعز وَيَأْمُر بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى عَن الْمُنكر
ودام على ذَلِك إِلَى أَن توفّي السُّلْطَان الْأَشْرَف واستقام بِالْملكِ بعده وَلَده الْملك النَّاصِر فأبقى الْفُقَهَاء على مَا فعله مَعَ وَالِده وَكَانَ وَفد إِلَى الْيمن خطيب خطب بِجَامِع ذِي عدينة بتعز يُسمى الْحَمَوِيّ فَكَانَ يخْطب على البديهة ويتوسع فِي الْكَلَام ويتشدق بِهِ وَقد يطول لِسَانه بِذكر مَا لَا يَنْبَغِي وَلَا تبلغه أفهام الْعَوام من ذَلِك أَنه قَالَ فِي أثْنَاء خطْبَة خطبهَا فويل للْعُلَمَاء فويل للْعُلَمَاء وَكرر ذَلِك مرَارًا ثمَّ قَالَ الَّذين لَا يعْملُونَ بِمَا يعلمُونَ ثمَّ أَتَى بِخطْبَة أَولهَا الْحَمد لله النَّاصِر للْملك النَّاصِر يَبْتَغِي بذلك رضى السُّلْطَان النَّاصِر وارتفاع مرتبته عِنْده ثمَّ أَتَى بأَشْيَاء مِمَّا رأى الْفُقَهَاء الْإِنْكَار عَلَيْهِ بذلك فَلَمَّا رأى الإِمَام رَضِي الدّين الشنيني ذَلِك وَقد طول ذَلِك الْخَطِيب الْخطْبَة لصَلَاة الْجُمُعَة تَطْوِيلًا مملا فَأتى إِلَى بَاب الْمِنْبَر فَقَالَ للخطيب اتَّقِ الله عَمَّا أَنْت بصدده واقصر الْخطْبَة ثمَّ جَاءَ الْخَطِيب إِلَى عِنْد الْفَقِيه رَضِي الدّين