للمناظرة فناظره الْفَقِيه رَضِي الدّين وَأقَام الْحجَّة عَلَيْهِ وَنَصره الْفُقَهَاء بِمَدِينَة تعز وأوجبوا على هَذَا الْخَطِيب التَّعْزِير
ثمَّ إِن بعض المتصوفة من أهل ذِي جبلة خطر بِبَالِهِ من غير أَن يتَلَفَّظ بِلِسَانِهِ بِأَن الأولى للفقيه رَضِي الدّين أَن يرجع إِلَى بَلَده يسكن ويدرس وَيطْعم الطَّعَام فَألْقى الله ذَلِك فِي خاطر الْفَقِيه رَضِي الدّين فَخرج من فوره واكترى لأهل بَيته وانتقل قَاصِدا شنين فَلَمَّا وصلوا إِلَى رَأس الْجَبَل الَّذِي فَوق المحرس لحقهم ذَلِك الصُّوفِي الَّذِي خطر بِبَالِهِ مَا سبق الْكَلَام فِيهِ فَسلم على الْفَقِيه رَضِي الدّين فَرد عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَ لَهُ قد فعلنَا على إشارتك يَا شيخ بالانتقال إِلَى بلدنا للتدريس وَالْفَتْوَى وإطعام الطَّعَام فَعجب الصُّوفِي على مَا أَلْقَاهُ الله فِي خاطر الْفَقِيه رَضِي الدّين مِمَّا لم يطلع عَلَيْهِ سوى الله تَعَالَى وَغير ذَلِك من كرامات الإِمَام رَضِي الدّين رَحمَه الله وَتُوفِّي سنة سبع وثمانمئة سنة انْتهى مَا وجدته مَنْقُولًا
فَلَمَّا توفّي خَلفه ولداه عبد الله وَعبد الرَّحْمَن
فَأَما عبد الله فقد قَرَأَ على وَالِده بعض الْعُلُوم وأثنوا عَلَيْهِ خيرا وَلم يشْتَهر بتدريس وَلَا فَتْوَى وَأما عبد الرَّحْمَن فَكَانَ ذَا جاه عريض وكرم مستفيض شملته دَعْوَة صَالِحَة من أَبِيه فَقَامَ بمنصبهم أتم قيام فِي إطْعَام الطَّعَام وَحفظ كتبهمْ وَقَضَاء حوائج النَّاس والتوسط بالإصلاح بَينهم وَكَانَ حسن الْأَخْلَاق وَصَحب السُّلْطَان النَّاصِر وَأهل بَابه ونال مِنْهُم مَالا جزيلا وَاشْترى أَرضًا جليلة فَكَانَ يجْتَمع مِنْهَا من الطَّعَام قدر خَمْسَة عشر الْفَا بِالذَّهَب المتعامل بِهِ بِتِلْكَ الْبَلَد فينفقها فِي وُجُوه الْخَيْر
وَحدث لَهُ ولد نجيب اسْمه عبد الله نشا أحسن نشوء وسافر بِهِ وَالِده إِلَى مَكَّة المشرفة ثمَّ عادا إِلَى بلدهما فَقَرَأَ هَذَا الْوَلَد على الْأَئِمَّة من أهل وقته بِمَدِينَة إب كَالْقَاضِي صفي الدّين أَحْمد بن أبي بكر البريهي والفقيه جمال الدّين مُحَمَّد بن عبد الله