قَرَأَ على وَالِده ولي الله القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد النَّاشِرِيّ ثمَّ على غَيره من فُقَهَاء مَدِينَة زبيد وَغَيرهم بِجَمِيعِ فنون الْعلم وَأَجَازَ لَهُ الشُّيُوخ الْكِبَار فِي مَكَّة المشرفة وَالْمَدينَة الشَّرِيفَة عِنْد أَن سَافر لِلْحَجِّ والزيارة وَأَجَازَ لَهُ الشَّيْخ مجد الدّين الشِّيرَازِيّ وَالشَّيْخ شمس الدّين الْجَزرِي وَقد جمع الْمَشَايِخ الَّذين قَرَأَ عَلَيْهِم وأجازوا لَهُ فِي كراسة جعلهَا عِنْده واشتهر بِحسن التدريس وَالصَّوَاب فِي الْفَتْوَى وناب لِعَمِّهِ القَاضِي شمس الدّين عَليّ النَّاشِرِيّ بِالْقضَاءِ الْأَكْبَر ثمَّ اسْتَقل بِهِ بعد موت عَمه ورزق الجاه الْكَبِير عِنْد الْخَاص وَالْعَام وَرَفعه السُّلْطَان الظَّاهِر على جَمِيع النَّاس بِمَا يسْتَحقّهُ من فضل الْعلم مَعَ ورعه وزهادته الْمجمع عَلَيْهِ وأحبه النَّاس وانتفعوا بِهِ انتفاعا كثيرا وَقصد للمهمات وأطاعوه وامتثلوا أمره وصنف كتابا مُفِيدا نَحْو الشَّرْح للحاوي الصَّغِير سَمَّاهُ الْإِيضَاح نَحْو مجلدين أَتَى فِيهِ بمعظم الغرائب والنكت على بعض أَلْفَاظ الْحَاوِي جمع فِيهِ متفرق الْكَلَام كالتحرير لأبي زرْعَة والمفتاح لِابْنِ كبن والأذرعي والجواهر والمهمات وَشرح الْحَاوِي وَغير ذَلِك من كَلَام الْمُتَأَخِّرين من أهل الْعَصْر وَغَيرهم وَقد اشْتهر وانتشر وتلقاه النَّاس عَامَّة فِي الْيمن وَمَكَّة وَالشَّام بِالْقبُولِ ومدحه بعض الْفُضَلَاء البلغاء فَقَالَ هُوَ كتاب عدم نَظِيره فِي مَا مضى من الْأَيَّام وَعز وجود مثله فِي الدهور والأعوام لم ينسج على منواله وَلَا يتَصَدَّى أحد من الْعلمَاء لمثاله فَمَا لمثله فِي الْوُجُود وجود كَمَا أَن نَظِير مُؤَلفه فِي الْعَالم لمفقود وَزَاد على ذَلِك شَيْئا كثيرا مِمَّا قد ذكرته فِي الأَصْل وَقد مد الله فِي عمر هَذَا الإِمَام وَبَارك لَهُ فِيهِ حَتَّى نَيف على ثَمَانِينَ سنة ورزقه الله أَوْلَادًا نجبا وَقد قَالَ الأول
(نعم الْإِلَه على الْعباد جليلة ... وأجلهن نجابة الْأَوْلَاد)