وبلغني أنهم ألقوا إلى سمع السلطان أنّ الأشعريّ يستهين بالمصحف، ولا خلاف بين الأشعريّة وجميع علماء المسلمين أن تعظيم المصحف واجب، وعندنا أنّ من استهان بالمصحف أو بشيء منه فقد كفر، وانفسخ نكاحه، وصار ماله فيئا للمسلمين، ويضرب عنقه. ولا يغسّل ولا يكفّن ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين، بل يترك بالقاع طعمة للسباع.
ومذهبنا أن كلام الله تعالى قديم أزليّ قائم بذاته، لا يشبه كلام الآدميين، كما لا يشبه ذاته ذات الخلق، ولا يتصوّر في شيء من صفاته أن تفارق ذاته، إذ لو فارقته لصار ناقصا، تعالى الله عما يقول الظالمون علوّا كبيرا، وهو مع ذلك مكتوب في المصاحف، محفوظ في الصّدور، مقروء بالألسنة، وصفة الله القديمة ليست بمداد للكاتبين، ولا ألفاظ اللّافظين، ومن اعتقد ذلك فقد فارق الدّين، وخرج عن عقائد المسلمين، بل لا يعتقد ذلك إلا جاهل غبي وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ (?).
وليس ردّ البدع وإبطالها من باب إثارة الفتن، فإنّ الله سبحانه أمر العلماء بذلك، وأمرهم ببيان ما علموه، ومن امتثل أمر الله، ونصر دين الله، لا يجوز أن يقال: لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما ما ذكر من أمر الاجتهاد، والمذهب الخامس، فأصول الدين ليس فيها مذاهب، فإنّ الأصل واحد، والخلاف في الفروع، ومثل هذا الكلام فلا أعتمد فيه قول من لا يجوز أن يعتمد قوله، والله أعلم بمن يعرف دينه ويقف عند حدوده، وبعد ذلك فإنا نعلم أنا من جملة حزب الله، وأنصار دينه وجنده، وكلّ جنديّ لا يخاطر بنفسه فليس بجنديّ.
وأما ما ذكر من أمر باب السلامة، فنحن تكلمنا فيه بما ظهر لنا، من