وحكى أنه ركب يوما بغلة، وعليه قميص وهو معتم على طرطورلباد، فتعرض له فقير يسأله شيئا، فقطع نصف العمامة من على رأسه ودفعها إليه وسار، فقصده آخر فدفع إليه النصف الآخر.
وطلع يوم العيد إلى القلعة والعساكر مصطفين بين يدي السلطان والأمراء تقبّل الأرض له، فنادى في ذلك الموكب العظيم: يا أيوب، ما حجّتك عند [الله] (?) إذا قال لك: ألم أولك ملك مصر ثم تبيح الخمور؟ فقال السلطان:
هل جرى هذا؟ فقال نعم، الحانة الفلانيّة يباع فيها الخمر وغيره من المنكرات، وبها أنواع من سوء، وأنت تتقلّب في نعمة هذه المملكة، وذلك بأعلى صوته، والعساكر واقفون، فقال: يا سيدي، هذا شيء لم أعمله، وهو من زمان أبي فقال: أنت من الذين يقولون يوم القيامة إذا سئلوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ (?) فرسم السلطان بإبطال ما يعمل في تلك الحانة.
فلما انصرف الشيخ من المجلس قال له تلميذه الباجيّ: يا سيّدي كيف تجرأت على السلطان وفاجأته بهذا الجواب؟ فقال: يا بنيّ رأيته في تلك العظمة فأردت أن أهينه، لئلا تكبر نفسه. فقال له يا سيدي أما خفت منه؟ قال والله با بنيّ استحضرت هيبة الله تعالى في قلبي، فصار [السلطان (?)] قدّامي كالقطّ.
وبالغ في القيام بالأمر بالمعروف وشدّد في ذلك، حتى شجر بينه وبين الأمراء كلام في هذا المعنى، فقال لهم: أنتم الآن أرقاء لا ينفذ لكم تصرف، وقد عزمت على بيعكم، فشق ذلك عليهم، واستشاطوا غضبا، وهمّوا بالإيقاع به، وقال بعضهم: كيف ينادي علينا ويبيعنا ونحن ملوك