الأرض؟ والله لأضربنّه، وشهر سيفه وركب في جمع من خدمه حتى أتى بيت الشيخ وسيفه مشهور بيده، وطرق الباب، فخرج عبد اللطيف بن الشيخ، فلمّا رآه على تلك الحالة رجع إلى أبيه وأخبره بما رأى، فخرج غير مكترث وقد اشتد جزع الولد، فقال له: يا بني أبوك أقلّ من أن يقتل في سبيل الله، فعند ما عاينه الأمير هابه وسقط السّيف من يده وبكى، ثم نزل عن فرسه، وأخذ يقبّل يد الشيخ ويسأله الدعاء ويستغفر مما كان منه، ثم قال: يا سيّدي، خبّر نا إيش تعمل؟ قال: أنادي عليكم وأبيعكم قال:
فثمننا في أي شيء تصرفه؟ قال: في مصالح المسلمين. قال: من يقبضه؟
قال: أنا، وانصرف، فلم يزل إلى أن نادى عليهم واحدا بعد واحد وبالغ في إشهارهم في النداء وحمل ثمنهم لبيت المال.
فاتفق أن بعض غلمان الوزير معين الدين عثمان ابن الشيخ، بني بنيانا على سطح مسجد بمصر، وعمل فيه طبل خانات، فأنكر ذلك الشيخ عز الدين ومضى بجماعته وهدم البناء، وعلم أن الوزير والسلطان يغضبان لذلك، فأشهد عليه بإسقاط عدالته [وحكم بفسق (?)] الوزير، وعزل نفسه عن القضاء، فعظم ذلك على السّلطان، وقيل له: اعزله عن الخطابة وإلا شنع عليك على المنبر كما فعل بدمشق، فعزله، فأقام في بيته من المدرسة الصالحية يشغل الناس، وولي قضاء مصر بعده أبو منصور موهوب بن عمر الجزري، أحد نواب الشيخ عز الدين في ثالث عشري ذي القعدة سنة أربعين وستمائة، وأعيد المجد الإخميمي إلى الخطابة، فاتفق أن الملك الصالح بعث رسولا إلى الخليفة ببغداد، فأدّي رسالته، فقيل له: أسمعت هذه الرسالة من السلطان؟ قال: لا، ولكن حمّلنيها ابن شيخ الشيوخ أستاداره.
فقال الخليفة: إن المذكور أسقطه ابن عبد السلام، فنحن لا نقبل روايته.