السيف الآمديّ، وغيره.
ومهر في العربية، ودرس وأفتى وصنف، وبرع في المذهب وبلغ رتبة الاجتهاد، وقصده الطلبة من [البلاد] وتخرج به أئمة، وصار رأس الشافعية في وقته، ولم يلحقه أحد في حالته.
وكان عاقلا ناسكا، ورعا زاهدا متقشفا، أمّارا بالمعروف نهاء عن المنكر، لا يخاف في الله لومة لائم، ولي خطابة الجامع الأموي بدمشق من قبل الملك الصالح إسماعيل بعد
الدولعي، وأزال كثيرا من البدع التي كان الخطباء يفعلونها؛ من دق المنبر بالسّيف وغير ذلك، وأبطل صلاتي الرّغائب ونصف شعبان، ومنع منهما. فلما أعطى الصالح الفرنج صفدو الشّقيف، أنكر الناس ذلك عليه، وتنكروا له، فعرّض به الشيخ عزّ الدين في الخطبة يوم الجمعة، ونال منه وترك الدّعاء له، فعزله الصالح وحبسه ثم أفرج عنه فسار إلى القاهرة، ومرّ في طريقه إليها على الكرك، وذلك في حدود سنة تسع وثلاثين وستمائة، فسأله الناصر داود هو والشيخ أبو عمرو بن الحاجب الإقامة بها فامتنع، وقال: هذه بلدة تصغر عن نشر علمي، ومضى إلى القاهرة فأكرمه السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب، وبالغ في تعظيمه وتلقاه واحترمه، فاتّفق وفاة قاضي القضاة شرف الدين أبي المكارم محمد بن عبد الله بن الحسن بن عين الدولة، في تاسع عشر ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وستمائة، فولي السلطان الملك الصالح بدر الدين أبا المحاسن يوسف ابن الحسن بن علي السنجاري قضاء القاهرة والوجه البحري، وولي الشيخ عز الدين قضاء مدينة مصر والوجه القبلي، وأضاف إليه خطابة جامع عمرو بن العاص، عوضا عن الشيخ مجد الدين أبي الحسن علي الإخميمي بعد عزله، فلم يتغير عن طريقته، من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، واطراح التكلف، وترك الاحتفال بالملبس، حتى إنه كان يحضر الموكب السّلطانيّ وعلى رأسه قبع لبّاد.