تلميذ الشيخ تقي الدين ابن الصلاح، وكان بصيرا بالمذهب عارفا به، ولي تدريس الرواحية ونظرها مدة ثم نزل عن ذلك لولده ناصر الدين المقدسي، قالوا: ولم يكن أهلا لذلك، وهو الذي صار إلى ما صار، وجرى له ما جرى من الشنق والشهرة وغير ذلك، وهو أخو الشيخ بهاء الدين المقدسي، توفي والدهما عبد الرحمن بن نوح في ربيع الأول سنة أربع وخمسين وست مائة عن تسعين سنة، رحمه الله.
قال الشيخ قطب الدين: كان فقيهًا عالمًا زاهدًا جوادا كثير البر مقتصدا في ملبسه ولم يفنى دأبه، وكان يقوم الليل ويكثر الصوم، ويحمل العجين إلى الفرن، ويشتري حاجته، وله حرمة وافرة، وكان يخلع عليه بطيلسان دون من تقدم من القضاة، تفقه على الشيخ تقي الدين ابن الصلاح، وسمع التاج الكندي، والشيخ الموفق، وصحب الشيخ عبد الله اليونيني وغيرهم، توفي رحمه الله في الركعة الثالثة من صلاة الظهر تاسع ذي القعدة سنة ست وخمسين وست مائة، وكانت له أحوال، ومكاشفات، وقد رثاه شرف الدين بقوله:
لفقدك صدر الدين أضحت صدورنا ... تضيق وجاز الوجد غاية قدره