أخرج ليلا وذهب به فسجن بمغارة من نواحي البقاع، ثم انقطع خبره، وذكروا أنه توفي، ومنهم من يقول: ألقي من شاهق، وقيل: خذق، وولي بعده القاضي محيي الدين ابن الزكي، قلت: وأعطوا ابن الزكي مع القضاء من
مدارس الرفيع تدريس العذراوية، وأعطوا الشامية البرانية لتقي الدين صهر ابن الخولي، والأمينية لابن عبد الكافي، قلت: ومن أوابد الرفيع أن رجلًا مات وترك مائة ألف وله من الورثة ابنة فلم يعطها فلسًا، ومنها أنه استعار من الناس أربعين طبقًا ليبعث فيها هدية لصاحب حمص، فلم يرد منا واحدًا ومنها أنه كان يستدعي ذا المال الجزيل فيدعي عليه مدع مسهل بألف دينار مثلًا أو أكثر من ذلك فيهب الرجل من ذلك وينكر، فيقول المدعي: لي بينة، فيقول: أحضر بينتك فيحضر مستعملين، فيشهدون بالمبلغ المدعى به، فيحكم الحاكم على المدعي عليه بذلك، ثم ينفصل عليه، ويقول: صالح غريمك ويرسم
عليه، فيأخذ الشهود نصيبهم، والباقي للحاكم، فيرسل إلى الوزير قسطه من ذلك، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وبركة هذه الأحكام نقصت الأنهار حتى كان نهر بورا إذا كان عليه سياق، لا يصل إلى طاحون تغرى، وحكر القاضي الرفيع النساء من دخول الجامع، وقال ما هو أعظم من الحرمين، فكثر النساء بالجامع، واتفق ليلة نصف، فعظم الخطب وكثرت المفاسد بينهن، وأما صاحبه الشيخ الأمين وزير العادل، فإنه كان سامريا باطنيًا أولًا فأظهر الإسلام وصار وزير الملك، فإنه بقي إلى سنة ثمان وأربعين، فأخرج من السجن وشنق بالديار المصرية، وأخذت حواصله، فبلغت ثلاثة آلاف ألف دينار.