الناس يقولون: إن الإنسان إذا مات انقطع عمله وتعلقه عن الخلق، وهذا مخصص من وجهين: الأول: أنه إن بقي منه عمل صالح صار سببًا للدعاء، والدعاء له

عند الله أثر.

الثاني: ما يتعلق بالأولاد وأداء الجنايات، أما الأول: فاعلموا أني كنت رجلًا محبًا للعلم، فكنت أكتب في كل شيء شيئًا، وأقف على كميته وكيفيته سواء كان حقا أو باطلًا إلا أن الذي نظرته في الكتب المعتبرة أن العالم المخصوص تحت تدبير مدبر منزه عن مماثلة المتحيزات موصوف بكمال القدرة والعلم والرحمة، ولقد اختبرت الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية فما رأيت فيها فائدة تساوي الفائدة التي وجدتها في القرآن، لأنه يسعى في تسليم العظمة والجلالة لله، ويمنع عن التعمق في إيراد المعارضات والمناقصات، وما ذلك إلا للعلم بأن العقول البشرية تتلاشى في تلك المضايق العميقة،

والمناهج الخفية، فلهذا أقول: كل ما ثبت بالدلائل الظاهرة من وجوب وجوده ووحدته وبراءته عن الشركاء في القدم، والأزلية، والتدبير، والفعالية، فذلك هو الذي أقول به وألقى الله به، وأما ما انتهى الأمر فيه إلى الدقة والغموض، وكل ما ورد في القرآن، والصحاح المتعين للمعنى الواحد، هو كما هو، والذي لم يكن كذلك أقول: يا إله العالمين إني أرى الخلق مطبقين على أنك أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين، فلك ما مد به قلمي أو خطر ببالي، فأستشهد وأقول: إن علمت مني أني أردت به تحقيق باطل أو إبطال حق فافعل في ما أنا أهله، وإن علمت عني أني ما سعيت إلا في تفريد أعتقد أنه الحق،

وتصورت أنه الصدق، فلتكن رحمتك مع قصدي لا مع حاصلي فذاك جهد المقل، وأنت أكرم من أن تضايق الضعيف الواقع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015