الآخرة سنة اثنتين وتسعين وثلاث مائة، وأول ما سمعت في المحرم سنة ثلاث وأربع مائة.

قلت: وقد سمع منه شيخه أبو القاسم الأزهري، وكتب عنه سنة اثنتي عشرة وأربع مائة، وكتب عنه أبو بكر البرقاني سنة تسع عشرة وأربع مائة، وقد قدم دمشق للحج سنة خمس وأربعين، ثم ورد في فتنة البساسري سنة إحدى وخمسين، وأقام بها إلى سنة سبع وخمسين، وصنف بها كثيرًا من كتبه، وأسمع كثيرًا بالجامع الأموي، وكانت قراءته حسنة جهوري الصوت، وذلك في أيام الدولة العبدية، والأذان بدمشق بحي على خير العمل، فضاقوا منه، وتكلموا في عرضه بما ليس فيه، وتعصب عليه متولي البلد، وأراد قتله، ثم اتفق الحال على نفيه، فذهب إلى صور، فأقام بها، وفي كل وقت يذهب لزيارة بيت المقدس ويعود

إلى سنة اثنتين وستين، فرجع إلى بلده على طرابلس وحلب، فأسمع بهما، فرجع إلى بغداد، فتلقوه، ورحبوا به وأكرموه، وأسمع وأملى بجامع المنصور بإذن الخليفة، ومات سنة ثلاث وستين، قال عبد العزيز بن أحمد الكناني الدمشقي: ورد كتاب جماعة أن الحافظ أبا بكر توفي في سابع ذي الحجة، وكان أحد من حمل جنازته الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، وكان ثقة حافظًا متقنًا متحريًا مصنفًا، قلت: شهد جنازته خلق كثير وجم غفير، وصلي عليه بجامع المنصور بإذن الخليفة، ودفن بجانب بشر الحافي، وكان سأل الله تعالى ذلك أن يحدث بتاريخ بغداد بها، وأن يملي بجامع المنصور، فقضى حاجته فيها، وختم على

قبره ختمات، ورؤيت له منامات صالحة، وكان فيه زهد وورع وعبادة على طريقة السلف في إيراد الأخبار، وإمرارها كما جاءت، وكان سريع القراءة، قرأ البخاري على كريمة المروزية في خمسة أيام، وكان يتلو في اليوم والليلة ختمة رحمه الله وإيانا، وقد نفع الله بكتبه ومصنفاته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015