بن كامل القاضي: كان فصيحا، كثير السماع، محمودا، يظهر انتحال المذهب الشافعي.
وسمعت ابنه أحمد بن موسى، يقول: إني سمعت من أبي كريب ثلاث مائة ألف حديث، قلت: وروى الحديث عن أبيه، وأحمد بن يونس، وعلي بن الجعد، وعلي ابن المديني، ويحيى بن بشر الحريري، وغيرهم، وهو آخر من حدث في الدنيا عن قالون، وأخذ عنه القراءة، فكان يقرئ الناس وهو ابن ثماني عشرة سنة، وروى عنه حبيب القزاز، وعبد الباقي بن قانع، وأبو محمد بن ماس وغيرهم.
وقال ابن أبي حاتم: كتبت عنه، وهو ثقة صدوق، وذكروا أنه كان يضرب به المثل في ورعه وصيانته في الحكم، وقد أوصى به، وبإسماعيل القاضي أمير المؤمنين المعتضد لوزيره، وقال: بهما يدفع عن أهل الأرض، وذكروا أنه كان لا يتبسم، فقالت له امرأة: لا يحل لك أن تحكم بين الناس؛ لأن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان» ، فتبسم رحمه الله.
وقال الحاكم في تاريخه: سمعت محمد بن أحمد بن موسى القاضي، يقول: حضرت مجلس موسى بن إسحاق بالري، سنة ست وثمانين ومائتين، وتقدمت امرأة فادعى وليها على زوجها خمس مائة دينار مهرا، فأنكر، فطلب من يشهد فقالوا لها: قومي، لينظروا إليها، فقال الزوج: تفعلون ماذا؟ قال الوكيل: ينظرون إليها مسفرة، لتصح عندهم معرفتها، فقال الزوج: لها ما ادعت، ولا تسفر عن وجهها، قال: فردت، وأخبرت عن قوله، فقالت: وأنا أشهد القاضي أني قد وهبت له المهر وأبرأته، فقال القاضي: يكتب هذا في مكارم الأخلاق، توفي، رحمه الله، وقد قارب التسعين، سنة ست وتسعين ومائتين بالأهواز.