وقال أبو بكر الصيرفي: لو لم يصنف المروزي إلا كتاب القسامة، لكان من أفقه الناس، فكيف وقد صنف كتبا سواه، وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: كان محمد بن نصر بمصر إماما، كيف بخراسان، وقال القاضي محمد بن محمد: كان الصدر الأول من مشايخنا، يقولون: رجال خراسان أربعة: ابن المبارك، وإسحاق بن راهويه، ويحيى بن يحيى، ومحمد بن نصر، وقال السليماني: محمد بن نصر المروزي إمام الأئمة الموفق من السماء، له كتاب تعظيم قدر الصلاة وكتاب رفع اليدين، وغيرهما من الكتب المعجزة، قلت: فلهذا ذكروا أنه أحسن أهل زمانه، رحمه الله، وكان له مال يقارض عليه، وينفق من غلته عليه،
وكان إسماعيل بن محمد والي خراسان، وأخوه، يصله كل واحد منهما بأربعة آلاف في السنة، ويصله أهل سمرقند بأربعة آلف، فكان ينفقها من السنة إلى السنة، فقيل له: لو ادخرت لنائبة؟ فقال: سبحان الله! إنما بقيت بمصر كذا وكذا سنة، قوتي، وثيابي وكاغدي، وحبري، وجميع ما أنفقه على نفسي، في السنة عشرين درهما أفيسرني إن ذهب ذا لا يبقى ذاك، وقد ذكر له كرامات، فمن ذلك ما قال أبو الفضل محمد بن عبد الله البلعمي: سمعت الأمير إسماعيل بن أحمد، يقول: كنت بسمرقند فجلست يوما للمظالم، وجلس أخي إلى جنبي، إذ دخل أبو عبد الله محمد بن نصر فقمت له إجلالا لعلمه، فلما خرج عاتبني
أخي، وقال: أنت أخو والي خراسان تقوم لرجل من الرعية، هذا ذهاب السياسة، فبت تلك الليلة، وأنا منقسم القلب، فرأيت النبي، صلى الله عليه وسلم، في المنام كأني واقف مع أخي إسحاق، إذ أقبل