لكم شيخا ببغداد، يقال له: الجنيد، ما رأت عيناي مثله، وكان الكتبة يحضرون لألفاظه، والفلاسفة يحضرونه لدقة معانيه، والمتكلمون يحضرونه لزمام علمه، وكلامه بائن عن فهمهم وعلمهم، وعن ابن سريج: أنه تكلم يوما فأعجب به بعض

الحاضرين، فقال ابن سريج: هذا ببركة مجالستي لأبي القاسم الجنيد، رحمه الله، ورضي عنه، وقال الحافظ أبو نعيم: ثنا علي بن هارون، ومحمد بن أحمد بن يعقوب، قالا: سمعنا الجنيد غير مرة، يقول: علمنا مضبوط بالكتاب والسنة، من لم يحفظ الكتاب، ويكتب الحديث، ولم يتفقه، لا يقتدي به، وقال عبد الواحد بن علوان: سمعته، يقول: علمنا هذا، يعني: التصوف، مشبك بحديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقال الجريري: سمعته، يقول: ما أخذنا التصوف من القال والقيل، لكن عن الجوع، وترك الدنيا، وقطع المألوفات، ويقال: كان نقش خاتمه: إذا كنت تأمله فلا تأمنه، وقال أبو جعفر الفرغاني:

سمعته، يقول: أقل ما في الكلام، سقوط هيبة الرب، جل جلاله، من القلب، والقلب إذا عرى من الهيبة، عرى من الإيمان، وقال السلمي: سمعت جدي إسماعيل بن نجيد، يقول: كان الجنيد يجيء فيفتح حانوته، ويدخل فيسبل الستر، ويصلي أربع مائة ركعة، وقال غيره: كان ورده كل يوم في سوقه ثلاث مائة ركعة، وكذا وكذا ألف تسبيحة، قال أبو بكر العطوي: كنت عند الجنيد حين احتضر فختم القرآن، ثم ابتدأ فقرأ من البقرة سبعين آية ثم مات، رحمه الله، قال أبو الحسين ابن المنادي: مات في شوال سنة ثمان وتسعين ومائتين، وشهد جنازته نحوا من ستين ألفا، ودفن إلى جانب قبر سري السقطي، رحمهما الله

تعالى، وقال الحافظ أبو نعيم: أنا الخلدي كتابة، قال: رأيت الجنيد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015