من قرى فارقين حائرا وحيدا ظمآن جائعا تعبا فَنزل فِي بيدر من بيادرها فَلحقه فارسان من التتار فَقَتَلَهُمَا وَركب وَصعد الْجَبَل فَرَآهُ بعض الأكراد فَأنْكر حَاله لما رأى عَلَيْهِ من أبهة الْملك وَرَأى فرسه مشحونة بالجواهر وَعلم أَنه ملك فَقَالَ من أَنْت وَأَرَادَ أَن يقْتله فَقَالَ لَا تعجل أَنا السُّلْطَان جلال الدّين سُلْطَان الخوارزمية ووعده بِكُل جميل فَتَركه الرجل فِي بَيته وَمضى فجَاء بعض الأكراد وَقَالَ لأهل الْبَيْت مَا هَذَا الْخَوَارِزْمِيّ النَّائِم وَكَانَ السُّلْطَان قد نَام فَقَالُوا هُوَ رجل أعطَاهُ صَاحب الْبَيْت الْأمان فَقَالَ الْكرْدِي هَذَا هُوَ السُّلْطَان جلال الدّين وَلَقَد قتلت عساكره أَخا لي خيرا مِنْهُ وطعنه بِحَرْبَة وَهُوَ نَائِم فَقتله فِي وقته وَبلغ الْخَبَر صَاحب ميافارقين
وَجَرت أُمُور يطول شرحها وتمكنت التتار من الْمُسلمين وَألقى اللَّه الرعب فِي قُلُوب الْمُسلمين مِنْهُم بِحَيْثُ كَانَ الْكَافِر يجوز عَلَى الْمِائَة من الْمُسلمين فيقتلهم وَاحِدًا وَاحِدًا وَلَا يقدر أحد مِنْهُم يَقُول لَهُ كلمة وأعناقهم تقع عَلَى الأَرْض وَاحِدًا بعد وَاحِد حَتَّى إِن امْرَأَة مِنْهُم كَانَت عَلَى زِيّ الرِّجَال قتلت عددا عَظِيما من الرِّجَال وأسرت جمَاعَة وَلم يعلمُوا أَنَّهَا امْرَأَة حَتَّى علم بهَا شخص من أُسَارَى الْمُسلمين فَقَتلهَا رَحمَه اللَّه
هَذَا مُخْتَصر من أَخْبَار جنكزخان ولنذكرن فِي أثْنَاء هَذَا الْكتاب فصلا آخر إِنْ شَاءَ اللَّهُ مُخْتَصرا من أَخْبَار حفيده هولاكو بْن تولى بْن جنكزخان فهما الرّجلَانِ الكافران لعنهما اللَّه وَقد أوردنا أَمرهم فِي غَايَة الِاخْتِصَار
وَمن النَّاس من أفرد التصانيف لأخبارهم وَيَكْفِي الْفَقِيه مَا أوردناه فأوقات طَالب الْعلم أشرف أَن تضيع فِي أخبارهم إِلَّا للاعتبار بهَا وَمَا أوردناه عِبْرَة للمعتبرين وكاف للمتعظين
ويعجبني قَول ابْن الْأَثِير فِي الْكَامِل حِين ذكر أخبارهم وَالله لَا أَشك أَن