من يجىء بَعدنَا إِذا بعد الْعَهْد وَرَأى هَذِهِ الْحَادِثَة مسطورة ينكرها ويستبعدها وَالْحق فِي يَده
قَالَ فَمن استبعدها فَلْينْظر أننا سطرناها فِي وَقت يعلم كل من فِيهِ هَذِهِ الْحَادِثَة قد اسْتَوَى فِي مَعْرفَتهَا الْعَالم وَالْجَاهِل لشهرتها يسر اللَّه للْمُسلمين من يحوطهم بمنه وَكَرمه
ولعلنا أطلنا فِي ديباجة هَذَا الْكتاب وَخَرجْنَا من بَاب فولجنا فِي أَبْوَاب وَلَا بُد فِي ذَلِك مَعَ القشر من اللّبَاب وَقد آن الشُّرُوع فِي الْمَقْصُود والنزوع بِالنَّفسِ الظامئة إِلَى المنهل المورود وَالرُّجُوع إِلَى مَا افتتحنا بِهِ الْكتاب من ذكر التراجم وَالْعود أَحْمَد وَذكر الْقَوْم مَحْمُود
وَقد كَانَ عَن لنا أَن نعقد لمناقب الإِمَام الْأَعْظَم المطلبي والعالم الأقوم ابْن عَم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَاب يقدم التراجم فَإِنَّهُ عَالم قُرَيْش الَّذِي مَلأ اللَّه بِهِ طباق الأَرْض علما وَرفع من طباقها إِلَى طباق السما بِذَاتِهِ الطاهرة من هُوَ أَعلَى من نجومها وأسما وَأثبت باسمه فِي طباق أَجْزَائِهَا اسْم من يسمع آذَانا صمًّا وَمن لَو قَالَت بَنو آدم علمه اللَّه الأسما لقيل كَمَا أبرز مِنْهُ لكم أَبَا وَمن تصانيفه أما والحبر الَّذِي أسس بعد الصَّحَابَة قَوَاعِد بَيته بَيت التبوة وأقامها وشيد مباني الْإِسْلَام بَعْدَمَا جهل النَّاس حلالها وحرامها وأيد دعائم الدّين مِنْهُ بِمن سهر فِي محو ليَالِي الشُّبُهَات إِذا سهر غَيره اللَّيَالِي فِي الشَّهَوَات أَو نامها
ولكننا رَأينَا الْخطب فِي ذَلِك عَظِيما وَالْأَمر يَسْتَدْعِي مجلدات وَلَا ينْهض بمعشار مَا يحاوله من أُوتِيَ بسطة فِي الْعلم والجسم إِذْ كَانَ علماجسيما
ثمَّ رَأينَا الْأَئِمَّة قبلنَا إِلَى هَذَا الْمَقْصد قد سبقوا وتنوعوا فِيمَا فَعَلُوهُ وَأَكْثرُوا القَوْل وَصَدقُوا
وَأول من بَلغنِي صنف فِي مَنَاقِب الشَّافِعِي الإِمَام دَاوُد بْن عَلِيّ الْأَصْفَهَانِي إِمَام أهل الظَّاهِر لَهُ مصنفات فِي ذَلِكَ