فَلم يرد جلال الدّين عَلَيْهَا جَوَابا وَلَا فتح للصلح بَابا وتشاغل عَنْهَا بفعلة قبيحة وَهِي حِصَار مَدِينَة خلاط فَإِنَّهُ نزل عَلَيْهَا وحاصرها حَتَّى أكل أَهلهَا لُحُوم الْكلاب ثمَّ فتحهَا ونهبها وعذب أَهلهَا أَشد الْعَذَاب وَأرْسل إِلَيْهِ الْخَلِيفَة يشفع فيهم فَلم يقبل مِنْهُ ورد جَوَابه وَرُسُله أقبح رد
ثمَّ سَار حَتَّى ملك بِلَاد الرّوم فَاجْتمع عَلَيْهِ عَلَاء الدّين كيقباد صَاحب الرّوم وَالْملك الْأَشْرَف مُوسَى صَاحب خلاط فَإِنَّهُ كَانَ أَخذ مَدِينَة خلاط وَهِي للأشرف مُوسَى بْن الْعَادِل صَاحب دمشق وَأي شَيْء هِيَ مَدِينَة خلاط وَمَا قدرهَا وَمَا قدر الْأَشْرَف مُوسَى بِالنِّسْبَةِ إِلَى جلال الدّين وَأي مَدِينَة فرضت من مَدَائِن جلال الدّين إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه بِقدر مملكة مُوسَى وَبني أَيُّوب كلهم
ثمَّ جَاءَ الْأَشْرَف وكيقباد وانضم إِلَيْهِمَا عَسَاكِر مجمعة فَكَانُوا خَمْسَة آلَاف مقَاتل فَالْتَقوا مَعَ السُّلْطَان جلال الدّين وَهُوَ بِأَذربِيجَان فِي بقايا من عسكره نَحْو عشْرين ألف مقَاتل فكسروه عَلَى قلتهم ويكثرهم بالقلة فَإِن الْخَمْسَة آلَاف كَثِيرَة بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِم وَالْعشْرُونَ ألفا أقل شَيْء يكون بِالنِّسْبَةِ إِلَى السُّلْطَان جلال الدّين
ثمَّ خرجت التتار مرّة أُخْرَى وَكَانَ سَبَب خُرُوجهمْ أَن الإسماعيلية كتبُوا إِلَيْهِم يخبرونهم بِضعْف جلال الدّين بن خوارزمشاه وَأَنه عادى جَمِيع الْمُلُوك الَّذين يجاورونه وَأَنه وصل من أمره أَن كَسره الْأَشْرَف بْن الْعَادِل وَكَانَ جلال الدّين قد خرب ديار الإسماعيلية وَفعل بهم كل مَا يستحقونه
فَلَمَّا قدمت التتار اشْتغل بهم وَجَرت بَينهم حروب وهرب من بَين أَيْديهم وامتلأ قلبه خوفًا مِنْهُم وَصَارَ كلما سَار فِي قطر لحقوه وخربوا مَا اجتازوا بِهِ من الأقاليم حَتَّى انْتَهوا إِلَى الجزيرة وجاوزوها إِلَى سنجار وماردين وآمد يفسدون مَا قدرُوا عَلَيْهِ قتلا ونهبا وأسرا
وَانْقطع خبر السُّلْطَان جلال الدّين فَلَا يدرى أَيْن سلك إِلَّا أَنه يحْكى أَنه أَتَى قَرْيَة