طبقات الحنابله (صفحة 640)

والخلق موصوفون بهذه الصفات ولم يدل الاتفاق فِي هَذِهِ التسمية عَلَى الاتفاق فِي حقائقها ومعانيها هكذا القول فِي أخبار الصفات ولا يلزم عند تسليمها من غير تأويل إثبات ما يقتضيه الحد والشاهد فِي معانيها.

وبهذا ونظيره استدل الوالد السعيد رحمة اللَّه عَلَيْهِ فِي كتابه " إبطال التأويلات لأخبار الصفات ".

فأما الرد عَلَى المجسمة لله: فيرده الوالد السعيد بكتاب وذكره أيضا فِي أثناء كتبه فَقَالَ: لا يجوز أن يسمى اللَّه جسما.

قَالَ أَحْمَد: لا يوصف اللَّه تعالى بأكثر مما وصف به نفسه.

قَالَ الوالد السعيد: فمن اعتقد أن اللَّه سبحانه جسم من الأجسام وأعطاه حقيقة الجسم من التأليف والانتقال: فهو كافر لأنه غير عارف بالله عز وجل لأن اللَّه سبحانه يستحيل وصفه بهذه الصفات وَإِذَا لم يعرف اللَّه سبحانه: وجب أن يكون كافرا.

وهذا الكتاب عدة أوراق.

واعلم أن اللَّه سبحانه اصطفي رسلا من خلقه فبعثهم بالدعاء إِلَيْهِ والصبر عَلَى ما نالهم من جهلة خلقه وامتحنهم من المحن بصنوف من البلاء وضروب من المحن واللأواء وكل ذَلِكَ تكريما لهم غير تذليل وتشريفا غير تخسير ولا تقليل.

وَكَانَ أرفع رسله عنده منزلة: أشدهم اجتهادا وأخذا فِي إمضاء أمره مَعَ البلية بأهل دهره قَالَ اللَّه عز وجل لنبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ من الرسل وقال تعالى: واصبر عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا داود وَقَالَ عز وجل لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولأتباعه: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ: مَتَى نَصْرُ اللَّهِ؟ أَلا إن نصر الله قريب وَقَالَ عز وجل: الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا: آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ؟ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015