طبقات الحنابله (صفحة 639)

فِي الأوهام وصفاته لا تشبه صفات المخلوقين لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وهو السميع البصير.

وأما كتابه قدس اللَّه روحه فِي إبطال التأويلات لأخبار الصفات: فمبني عَلَى هَذِهِ المقدمات وأن إطلاق ما ورد به السمع من الصفات: لا يقتضي تشبيه الباري سبحانه بالمخلوقات.

وذكر رحمة اللَّه عَلَيْهِ كلاما معناه: أن التشبيه إنما يلزم الحنبلية أن لَوْ وجد مِنْهُمْ أحد أمرين: إما أن يكونوا هم الَّذِينَ ابتدأوا الصفة لله عز وجل واخترعوها أو يكونوا قد صرحوا باعتقاد التشبيه فِي الأحاديث الَّتِي هم ناقلوها.

فإما أن يكون صاحب الشريعة - صَلَّى الله عليه وسلم - هو المبتدىء بهذه الأحاديث وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حجة يسقط بها ما يعارضها وهم تبع لَهُ ثُمَّ يكون الحنبلية قد صرحوا بأنهم يعتقدون إثبات الصفات ونفي التشبيه فكيف يجوز أن يضاف إليهم ما يعتقدون نفيه؟ .

وعلى أنه قد ثبت أن الحنبلية إنما يعتمدون فِي أصول الدين عَلَى كتاب اللَّه عز وجل وسنة نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونحن نجد فِي كتاب اللَّه وسنة رسوله ذكر الصفات ولا نجد فيهما ذكر التشبيه فكيف يجوز أن يضاف إليهم ما يعتقدون نفيه؟ .

ومما يدل عَلَى أن تسليم الحنبلية لأخبار الصفات من غير تأويل ولا حمل عَلَى ما يقتضيه الشاهد وأنه لا يلزمهم في ذَلِكَ التشبيه: إجماع الطوائف من بين موافق للسنة ومخالف أن الباري سبحانه ذات وشيء وموجود ثُمَّ لم يلزمنا وإياهم إثبات جسم ولا جوهر ولا عرض وإن كانت الذات في الشاهد لا تنفك عن هَذِهِ السمات وهكذا لا يلزم الحنبلية ما يقتضيه العرف فِي الشاهد فِي أخبار الصفات.

يبين صحة هذا: أن البارىء سبحانه موصوف بأنه: حي عالم قادر مريد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015