(كونه لم يرد الأمر به في كتاب ولا سنة)
وقد أشار الشافعي إلى علة أخرى في علم الكلام. تأتي في المنطق. فأخرج النووي في ذم الكلام من طريق الكرابيسي قال: شهدت الشافعي ودخل عليه بشر المريسى. فقال لبشر: أخبرني عما تدعو إليه: أكتاب ناطق، وفرض مفترض، وسنة قائمة، ووجدت عن السلف البحث فيه والسؤال، فقال بشر: لا إلا أنه لا يسعنا خلافه فقال الشافعي. أقررت بنفسك على الخطأ. فأين أنت من الكلام في الفقه والأخبار، فلما أخرج قال الشافعي: لا يفلح.
دل هذا النص على أن من العلة في تحريم النظر في علم الكلام، كونه لم يرد الأمر به في كتاب ولا سنة، ولا وجد عن السلف البحث فيه. وهذا بعينه موجود في المنطق فإنه لم يرد الأمر به في كتاب ولا سنة، ولا يوجد عن السلف البحث فيه، بخلاف العربية فإنه ورد الأمر بها في الحديث، ووجد عن السلف البحث فيها. وهذه العلة هي التي اعتمدها ابن الصلاح، حيث أفتى بتحريم المنطق حيث قال: وليس الاشتغال بتعلمه وتعليمه مما أباحه الشارع، ولا استباحه أحد من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين وكأن ابن الصلاح استنبط هذه العلة من تعليل الشافعي لعلم الكلام.