ولهذا ذم علماء السلف النر في علم الأوائل: فإن علم الكلام مولد من علم الحكماء الدهرية، فمن أراد الجمع بين علم الأنبياء وبين علم الفلاسفة بذكائه، فلابد وأن يخالف هؤلاء وهؤلاء، ومن كف ومشى خلف ما جاءت به الرسل من إطلاق ما أطلقوا ولم يتخذلق ولا عمق فإنهم صلوات الله عليهم أطلقوا وما عمقوا فقد سلك طريق السلف الصالح، وسلم له دينه ويقينه، نسأل الله السلامة في الدين انتهى.
وقد يدعى دخول هذه الصورة بخصوصها -أعنى تحريم النظر في المنطق -تحت عموم النصوص الدالة على تحريم كل ما جر إلى فساد، أو خشى منه فتنة، فيكون التحريم مستفادًا عن عموم النصوص لا من خصوص القياس وللمستدل أن يستعمل كلا من الأمرين ويكون الدليلان تعاونا، طابق خصوص القياس، عموم النصوص.
تنبيه -يشهد لصحة ما أشار إليه الشافعي ما ذكره بعض أئمة المعقولات عند قوله تعالى: لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا". حيث قال هذا دليل إقناعي، وذلك لأنه رام تخريجه على قواعد الاستدلال المنطقي. والقرآن ورد على مذهب العرب واصطلاحهم في الاحتجاج، وقد أطبق أئمة البلاغة على إيراد هذه الآية في النوع البديعي المسمي عند المتأخرين بالمذهب الكلامي وبالاحتجاج النظري وأطبق العرب الذين نزل عليهم