القرآن، فمن بعدهم من المسلمين، على أن هذه الآية من أعظم الأدلة على الوحدانية. فإذا استحيا الإنسان من الله، لم يقل فيها مثل هذا الكلام، وليس غرضي بهذا الحط على الرجل المذكور، لكن بيان أن المنطق لا يجر إلى خير، وأن من لاحظه كان بعيدًا عن إدراك المقاصد الشرعية، فإن بينه وبين الشرعيات منافرة.
ونظير ذلك ما وقع للرجل المذكور أيضًا عند قوله تعالى {يسألونك عن الأهلة ... } الآية. قال: سألوا عن الهلال لم يبدو دقيقًا، ثم متزايد حتى يمتلئ، فأجيبوا ببيان حكمة ذلك، وعدل عن جواب ما سألوا عنه، لأنهم ليسوا ممن يطلعون على دقائق الهيئة. بسهولة. وهذا الكلام منه خطأ صراح.
أما أولا، فلأن أسباب النزول دل على أنهم سألوا عن الحكمة لا عن ما ذكره ..
أما ثانيًا، فلا يليق أن يظن بالصحابة -رضي الله عنهم -الذين هم أدق فهما من جميع العجم ومن كل الأمة، أنهم ليسوا ممن يطلع على دقائق الهيئة بسهولة وقد اطلع عليها آحاد العجم المتأخرين.
وأما الثالثًا: فلم يسكن في القدرة الإلهية توصيل ذلك إلى أذهانهم بعبارة يفهمونها.
وأما رابعًا: فقد اطلع الصحابة -رضوان الله عليهم -على دقائق جمة من الفقه، وعويص الفرائض وأعمال القلوب، فأي شيء علم الهيئة بالنسبة إلى ذلك، هو أخس وأحقر، لو كان له أصل معتبر، فكيف وأكثره