ولهذه العلة بعينها حرم الشافعي -رضي الله عنه -النظر في علم الكلام، أخرج الهروى في كتاب ذم الكلام بسنده عن الشافعي، قال: حكي في أهل الكلام وحكم عمر صبيغ، دل ذلك منه على أن العلة عنده في تحريم النظر في علم الكلام ما يخنثى منه من إثارة الشبه والابحرار إلى البدع، فحرمه قياسًا على تحريم النظر في المتشابه، وهذا قياس صحيح.
وهذه العلة بعينها موجودة في المنطق، كما ذكره الشافعي، فيكون الدليل على تحريم النظر فيه القياس على الأصل المقيس عليه علم الكلام، وهو المتشابه المنصوص على تحريم النظر فيه وهذا قياس صحيح لا يتطرق إليه قدح بنقض ولا معارضة -نعم قد يمنع الخصم وجود العلة المذكورة في المنطق، ولكن منعه هذا مكابرة فلا يسمع لأن المشاهدة والاستقراء تكذبه.
قال الذهبي في الميزان في ترجمة أبى الحسن بن الزاغونى الفقيه الحنبلي، له تصانيف فيها أشياء من بحوث المعتزله، يدعوه بها لكونه نصرها، وما هذا من خصائصه، بل قل من أمعن النظر في علم الكلام، إلا وأداه اجتهاده إلى القول بما يخالف محط السنة.