بكل شبهة، بل الإيمان الراسخ، إيمان العوام، الحاصل في قلوبهم من الصبي بتواتر السماع والحاصل بعد البلوغ بقران لا يمكن التعبير عنها، وتمام تأكده بملازمة العبادة والذكر. فإن تأدت به العبادة إلى حقيقة التقوى وتطهير الباطن عن كدورات الدنيا وملازمة ذكر الله تعالى دائمًا، تجلت له أنوار المعرفة وصارت الأمور التي كان قد أخذها تقليدًا عنده كالمعاينة والمشاهدة. وذلك حقيقة المعرفة التي لا تحصل إلا بعد انحلال عقدة الاعتقادات وانشراح الصدر بنور الله {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام فهو على نور من ربه} كما سئل رسول الله "صلى الله عليه وسلم" عن معنى شرح الصدر فقال: نور يقذف في قلب المؤمن. فقيل وما علامته؟ فقال: التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود. فبهذا يعلم أن المتكلم المقبل على الدنيا، المتهالك عليها، غير مدرك حقيقة المعرفة ولو أدركها لتجافى عن دار الغرور قطعًا.
وقال: في الإحياء: المقصود من الكلام حماية المعتقدات التي نقلها أهل السنة عن السلف لا غيره، وما وراء ذلك طلب لكشف حقائق الأمور منه بمعتقد مختصر، وهو القدر الذي أوردناه في كتاب قواعد العقائد من جملة هذه الكتب، والاقتصار فيه ما يبلغ قدر مائة ورقة، وهو القدر