الذي أوردناه في كتاب الاقتصاد في الاعتقاد، ويحتاج إليه لمناظرة مبتدع، ومعارضة بدعة بما يفسدها، وينزعها عن قلب العامي، وذلك لا ينفع إلا مع العوام قبل اشتداد بعضهم.
وأما المبتدع بعد أن تعلم من الجدل ولو شيئًا يسيرًا فقل ما ينفع معه الكلام فإنك [إن أفحمته] لم يترك مذهبه، وأحال بالقصور على نفسه وقدر أن عند غيره جوابًا ما هو عاجز عنه، وإنما أنت ملبس بقوة المجادلة.
وأما العامي إذا صرف عن الحق بنوع جدل فيمكن أن يرد إليه بمثله قبل أن يشتد التعصب في الأهواء - فإذا اشتد تعصبهم- انقطع الناس عنهم إذ التعصب سبب ترسخ العقائد في القلوب وهذا أيضًا من آفات علماء السوء فإنهم يبالغون في التعصب للحق وينظرون إلى المخالفين بعين الازدراء فينبعث منهم الدعاوي بالمكافأة والمقابلة- ويتوفر بواعثهم على طلب نصرة الباطل- ويقوي غرضهم في التمسك بما نسبوا إليه.
ولو جاءوا من جانب اللطف والرحمة، والنصح في الخلوة لا في معرض الغضب والتحقير لأنجحوا فيه، ولكن لما كان الجاه لا يقوم إلا بالاستتباع ولا يستميل الأتباع مثل الغضب واللعن والشتم للخصوم، اتخذوا التعصب عادتهم وآلهتهم.