المستحسنات، وترك المستقبحات. فهذا يكون معنى قول النبي "صلى الله عليه وسلم" في الرجل يكثر الصلاة والصيام إنما يجازي على قدر عقله، وقال بعضهم العقل مدبر يدبر لصاحبه أمر دنياه وعقباه. بأول تدبيره الإشارة إلى المدبر الصائع ثم إلى معرفة النفس ثم يشير إلى صاحبه بالخضوع والطاعة لله والتسليم لأمره والموافقة له. وهذا معنى قولهم: العاقل من عقل عن الله أمره ونهيه.
وقال بعضهم: العقل حجة الله على جميع الخلق لأنه سبب التكليف أن صاحبه لا يستغنى عن التوفيق في كل وقت ونفس العقل بالتوفيق كان والعاقل محتاج في كل وقت إلى توفيق جديد تفضلًا من الله تعالى ولو لم يكن كذلك لكان العقلاء مستغنين عن الله بالعقل فيرتفع عنهم الخوف والرجاء ويصيرون آمنين من الخذلان وهذا تجاوز عن درجة العبودية وتعد عنها ومحال من الأمر. إذ ليس من الحكمة أن ينزل الله تعالى أحدًا غير منزلته. فإذا أغنى عبيده عن نفسه فقد أنزلهم غير منزلتهم وجاوز بهم حدودهم ولو كان هذا هكذا لاستوى الخلق والخالق في معنى من معاني الربوبية والله تعالى ليس كمثله شيء في جميع المعاني.
وقال بعضهم: العقل على ثلاثة أوجه: عقل مولود مطبوع وهو عقل بيني آدم الذي به فضل على أهل الأرض وهو محل التكليف والأمر والنهي وبه يكون التدبير والتمييز. والعقل الثاني هو عقل التأييد الذي يكون مع الإيمان معًا وهو عقل الأنبياء والصديقين. وذلك تفضل من الله تعالى