إلى هذا إلا بالنقل والحديث بمتابعة الأخبار التي رواها الثقات والعدول من هذه الأمة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، وعن الصحابة من بعده، فنشرح الآن قول أهل السنة: إن طريق الدين هو: السمع والأثر. وإن طريق العقل والرجوع إليه، وبناء السمعيات عليه مذموم في الشرع ومنهي عنه، ونذكر مقام العقل في الشرع والقدر الذي أمر الشرع باستعماله وحرم مجاوزته.
ثم قال: وقد سلك أهل الكلام في رد الناس من الأحاديث إلى المعقولات طريقًا شبهوا بها على عامة الناس. قالوا: إن أمر الدين أمر لابد فيه من وقوع العلم ليصح الاعتقاد فيه، فإن المصيب في ذلك عند اختلاف المختلفين واحد. والمخالف في أمر من أمور الدين الذي مرجعه إلى الاعتقاد إما كافر أو مبتدع. وما كان أمر على هذا الوجه فلابد في ثبوته من طريق توجب العلم حتى لا يتداخل من حصل له العلم بذلك شبهة وشك بوجه من الوجوه والأخبار التي يرويها أهل الحديث في أمور الدين أخبار آحاد، وهي غير موجبة للعلم وإنما توجب الأعمال في الأحكام خاصة، وإذا سقط الرجوع إلى الأخبار فلابد من الرجوع إلى دليل العقل، وما يوجبه النظر والاعتبار. فهذا من أعظم شبههم في الإعراض عن الأحاديث والآثار، وسيأتي الجواب عنها. وقد قال عمر بن الخطاب: إنه سيأتي أناس يأخذونكم بشبهات القرآن فخذوهم بالسنن فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله.
ثم قال ونذكر الآن ما ورد عن الأئمة في ذم الكلام، فذكر طائفة مما تقدم عن الأئمة مخرجًا من ذم الكلام للهروي. ومما لم يتقدم ما أسند عن سهيل بن نعيم قال: قال الشافعي: كل من تكلم بكلام في الدين أو في شيء