من هذه الأهواء ليس فيه إمام متقدم من النبي- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه فقد أحدث في الإسلام حدثًا، وقد قال النبي- صلى الله عليه وسلم- ((من أحدث حدثًا أو آوى محدثًا في الإسلام فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. لا يقبل منه صرفًا ولا عدلًا)). وأسند من طريق حرملة قال سمعت الشافعي يقول: إياكم والنظر في الكلام فإن رجلًا لو سئل عن مسألة في الفقه، فأخطأ فيها، أو سئل عن رجل قتل رجلًا فقال ديته بيضة كان أكثر شيء أن يضحك منه، ولو سئل عن مسألة في الكلام فأخطأ فيها نسب إلى البدعة.
قال: فهذا كلام الشافعي في ذم الكلام والحث على السنة، وهو الإمام الذي لا يجاري، والفحل الذي لا يقاوم. فلو جاز للرجوع إليه، وطلب الدين من طريقه لكان بالترغيب فيه أولى من الزجر عنه، وبالندب إليه أولى من النهي عنه. فلا ينبغي لأحد أن ينصر مذهبه في الفروع ثم يرغب عن طريقته في الأصول.
وروى عن قبيصة قال: كان سفيان الثوري يبغض أهل الأهواء وينهى عن مجالسهم أشد النهي ويقول: عليكم بالأثر وإياكم والكلام في ذات الله، وكان أحمد بن حنبل يقول: أئمة الكلام زنادقة.
ثم ساق جملة من كلام السلف في النهي عن النظر في الكلام وقد أيد هذا كله الحديث الذي حدثنا أبو صالح فذكر بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ((تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في الله)).
ثم قال: وإنما ترد البدعة بالأثر لا ببدعة مثلها. فإنه روى عن عبد الرحمن ابن مهدي الإمام المقدم قال إنما يرد على أهل البدع بآثار رسول الله- صلى الله