هذا آخر ما لخصته من كتاب أبي عمر بن عبد البر ونقلته من مختصر كتابه للقرطبي. وابن عبد البر هو الإمام الحافظ أبو عمر يوسف بن عبد الله ابن محمد بن عبد البر النمري أحد الأعلام وصاحب التصانيف. قال الذهبي في العبر ليس لأهل المغرب أحفظ منه مع الفقه والدين والنزاهة والتبحر في الفقه والعربية والأخبار، مات سنة ثلاث وستين وأربعماية، والقرطبي مختصره، هو الإمام العلامة أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر الأنصاري الخزرجي المصنف المشهور مات سنة تسع خمسين وستماية.
في كتابه ((شرف أصحاب الحديث))
قال في كتابه المسمى ((شرف أصحاب الحديث)) أما بعد وفقكم الله لعمل الخيرات، وعصمنا وإياكم من اقتحام البدع والشبهات.
فقد وفقنا على ما ذكرتم من عيب المبتدعة أهل السنن والآثار وطعنهم على من شغل نفسه بسماع الأحاديث وحفظ الأخبار، وتكذيبهم تصحيح ما نقله إلى الأمة الأئمة الصادقون، واستهزائهم بأهل الحق فيما وضعه عليه الملحدون- الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون- وليس ذاك عجيبًا من متبعي الهوى ومن أضلهم الله عن سلوك سبيل الهدى، ومن واضح شأنهم الدال على خذلانهم، صدوفهم عن النظر في أحكام القرآن، وتركهم الحجاج بآياته الواضحة البرهان. وإطراحهم السنن من ورائهم، وتحكمهم في الدين بآرائهم، فالحدث منهم متهوم بالعدل، وذو السن مفتون