أعلى، وعلم أوسط، وعلم أسف. فالعلم الأعلى عندهم علم الدين الذي لا يجوز لأحد الكلام فيه بغير ما أنزله الله في كتبه وعلى ألسنة أنبيائه: نصا، ومعنى، ونحن على يقين مما جاء به نبينا- صلى الله عليه وسلم- عن ربه، وسنة لأمته من حكمته، ولسنا على يقين مما تدعيه اليهود والنصارى في التوراة والإنجيل، لأن الله تعالى قد أخبر عنهم أنهم يكتبون الكتاب بأيديهم، ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنًا قليلًا، ويقولون هو من عند الله، وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون، وكيف يؤمن من خان الله وكذب عليه. قال الله عز وجل {أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم}، وقد اكتفينا والحمد لله بما أنزل على نبينا من القرآن وما سنه لنا عليه السلام.
فمن الواجب على من لم يعرف اللسان الذي نزل به القرآن وهي لغة النبي- صلى الله عليه وسلم- أن يأخذ من ذلك ما يكتفي به ولا يستغنى حتى يعرف تصاريف القول وفحواه، وظاهره ومعناه؛ وأنه عون على علم الدين، الذي هو أرفع العلوم وأعلاها، به يطاع الله ويعبد ويحمد ويشكر فمن علم من القرآن ما به الحاجة إليه، وعرف من السنة ما يعول عليه، ووقف من مذاهب الفقهاء على ما نزعوا به وانتزعوا من كتاب الله وسنة نبيهم، حصل على علم الديانة، وكان على أمة نبيه- صلى الله عليه وسلم- مؤتمنًا حق الأمانة، إذا اتقى الله تعالى وحمل ولم تمل به دنيا تستهويه، أو هوى يرديه، فهذا عندنا العلم الأعلى الذي يحظى به في الآخرة والأولى.