للخلق زاجرة، وإلى طرق الآخرة داعية. فحياتهم للخلق منبهة، ومسيرهم إلى مصيرهم لمن بعدهم عبرة. وقبورهم مزارة، ورموسهم على الدهر غير دراسة وعلى تطاول الأيام غير ناسية.

يعرف الله إلى القلوب محبتهم، ويبعثهم على حفظ مودتهم، يزارون في قبورهم كأنهم أحياء في بيوتهم، لينشر الله لهم بعد موتهم الأعلام حتى لا تندرس أذكارهم على الأعوام، ولا تبلى أساميهم على الأيام. فرحمة الله عليهم ورضوانه، وجمعنا وإياهم في دار السلام.

ثم إنه لم يزل في كل عصر من الأعصار إمام من سلف، أو عالم من خلف قائمًا لله بحقه وناصحًا لدينه، فيما يصر فهمته إلى جميع اعتقاد أهل الحديث على سنن كتاب الله ورسوله وآثار صحابته، ويجتهد في تصنيفه، ويتعب نفسه في تهذيبه رغبة منه في إحياء سنته وتجديد شريعته وتطرية ذكرهما على أسماع المتمسكني بهما من أهل ملته. أو لزجر غال في بدعته، أو متشيع يدعو إلى ضلالته، أو مفتتن بهما لقلة بصيرته، فأفرغت في ذلك جهدي، وأتعبت فيه نفسي- رجاء ثواب الله واستنجاز موعده في استبصار جاهل، واستنقاذ ضال، وتقويم عادل، وهداية حائر.

وأسأل الله التوفيق فيما أرومه، والإقالة من الخطأ فيما أنحوه وأقصده.

وقد كان تكررت مسألة أهل العلم إياي عودًا وبدأ في شرح اعتقاد مذاهب أهل الحديث قدس الله أرواحهم. وجعل ذكرنا لهم رحمة ومغفرة، فأجبتهم إلى مسألتهم لما رأيت فيه من الفائدة الحاصلة والمنفعة السنية التامة وخاصة في هذه الأزمنة التي تناسى علماؤها رسوم مذاهب أهل السنة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015